مساء الخير. شكرا لإنضمامكم لنا.
كما تعود الكثير منكم، يكون احتفالنا بعيد الإستقلال بالعادة بالحديقة الخلفية لمنزل السفير هنا في مجمع السفارة الأمريكية. إن بدء وانتشار فيروس كورونا حول العالم غير طريقة حياتنا، كيف نقوم بأعمالنا، وكيف نحتفل بمناسباتنا العامة والخاصة. اشتقت لأرى الجميع وجها لوجه، ولكن كما يفعل الجميع، فإننا نستخدم التكنولوجيا إلى أقصى حد لنبقى على إتصال ولنقوم بعملنا. لذا في هذا العام من فيروس كورونا، قررنا أن يكون احتفالنا بعيد الإستقلال إفتراضياً.
نحتفل في هذا العام، بالذكرى السنوية المائة لحق النساء في التصويت في الولايات المتحدة الأمريكية. تم الإنتهاء من التعديل التاسع عشر في الثامن عشر من آب 1920، وأصبح قانوناً ينهي صراعاً طويلاً امتد لمدة قرن، انتشر عالمياً واصبح أمر مُسَلَّم به في معظم البلدان اليوم.
اكتساب الحق في التصويت كان خطوة عملاقة في الطريق نحو المشاركة الكاملة في الحياة العامة والحصول على صوت في الساحة السياسية. ولكنها لم تكن المعركة الوحيدة. ففي فترة الستينات في الولايات المتحدة الأمريكية، كانت النساء لا تزال بحاجة إلى توقيع أزواجهم لفتح حساب بنكي أو لامتلاك بطاقة إئتمانية. لم يكن بإمكان النساء غير المتزوجات القدرة على الحصول على بطاقة إئتمانية ولم يكن بإمكانهم أخذ أي قروض. والرابطة الرياضية لثمان جامعات (IVY League Schools) لم تكن تقبل النساء.
يأتي الإستقلال بعدة أشكال، سواء كان ذلك ببناء دولة بعد ثورة صعبة والبحث عن إتحاد أكثر مثالية أو تحقيق الإستقلالية المادية والقدرة على إعالة العائلة، أو التعبير عن الذات بحرية.
أعتقد أن الجميع لديهم رغبة فطرية للمشاركة الكاملة في الحياة الإجتماعية والسياسية في بلدهم. قد لا يكون الحق في الوصول لأقصى إمكانات الشخص تعديلاً أو قانوناً، لكنها رغبة إنسانية تظهر نفسها مع مرور الوقت، عادة تبدأ بأسئلة مثل ” لم لا؟” “ماذا لو” و “كيف يمكنني؟“
كل شخص لديه شئ ما ليقدمه إذا سنحت له الفرصة. استمتعت في خلال العام والنصف الذي قضيته في الأردن، بالسفر حول عمان وداخل المملكة. كانت فرصة رائعة لرؤية الشراكات التي قامت السفارة بإنشائها من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وقسم الشؤون الثقافية لمساعدة إطلاق المشاريع الصغيرة، المنظمات غير الربحية، وتقوية المجتمع المدني الذي بالمقابل يدعم الأردنيين وغيرهم الذين يريدون العمل نيابة عن مجتمعاتهم للإسهام وإحداث فرق.
إن الوقت الذي أمضيته في مركز البنيات للتربية الخاصة أراني تفاني قيادة المركز والموظفين لمساعدة كل طالب إلى الوصول إلى أقصى إمكاناته. وأيضاً، المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الاعاقة وسعيه لتحسين الوصول الى مراكز التصويت. الرياديون الشباب، المسؤولون المنتخبون، الطلاب الذين يريدون الدراسة بالخارج أو الذين يبحثون عن مرشد وظيفي من جامعاتهم، هم جميعهم شركاء ليساعدوا المواطنين العاديين أو القادة المستقبليين ليجدوا طريقهم هنا في الأردن.
كم هو مثير للسخرية أن يكون فيروس كورونا هو المعادل العالمي العظيم. اذ يستهدف كل الأعمار، الاعراق، والأجناس. وهؤلاء الذين يمتلكون المال و السلطة أو المكانة الاجتماعية ليسوا مستثنيين، كما رأينا حالات لفيروس كورونا بين الشخصيات العالمية البارزة. إن هذا الوباء هو صراع عالمي لم نر مثله منذ الحرب العالمية الثانية. وهنا في الأردن، وتحت إشراف جلالة الملك، تحركت الحكومة سريعاً لتبطئ من انتشار الفيروس. وإن الأرقام مقارنة بالدول الأخرى معقولة ومثالية. و كانت الحكومة الأردنية مجتهدة بشكل متكافئ في مراقبة الصحة الإقتصادية الوطنية. إنه إجراء متوازن ودقيق لجميع بلادنا.
كأمريكية تعيش في الخارج، أراقب الأحداث والتطورات في الولايات المتحدة الأمريكية، أفكر في عائلتي وأصدقائي وأدعوا لهم بأن يكونوا بصحة جيدة وآمنين. ولكن افكاري تمتد إلى الجميع في كل الولايات المتحدة الأمريكية، بينما تكافح الولايات لإيجاد توازن بين الصحة العامة والإقتصاد، يماثلون صراع العلماء حول العالم لتطوير لقاح.
نأمل عند نقطة ما، أن تتسطح ذروة الفيروس وتقل عدد الحالات والوفيات تضمحل ، وان لم يكن كذلك، لتتوقف. عدم معرفة آلية هذا الفيروس، وكيف يعمل، وماذا سيحدث، هو أصعب وامر مقلق. ولكن بينما نستمر في التحرك خلال مراحل الفيروس، علينا أن نجد طرق لنبقى مركزين على ما نقوم به وكيف نعيش حياتنا بشكل أفضل وأن نكون أصدقاء او جيران أو زملاء بشكل أفضل، والأهم من ذلك كله، معاملة الغرباء بلطف. ممكن أن يؤخر هذا الفيروس طريقنا للامام، لكنه لن يشتتنا عن أهدافنا وأحلامنا، أو يحط من طريقة حياتنا أو يوجهنا بعيدا عن قيمنا التي تحدد بلادنا، من نحن والقوة والعزم التي جعلتنا على ما نحن عليه اليوم.
هناك مثل يقول: مع المحن تأتي الفرص. فلنبحث عن طريقة لتحسين ما يمكننا القيام به، سواء كان من خلال تعزيز النسيج الإجتماعي أو إيجاد طرق للوصول لأقصى إمكانياتنا. سنستمر بالعمل معاً لإيجاد الطريق للأمام.
أريد أن أتطرق لشيء آخر يشغلني ويشغل الأمريكيين. موت جورج فلويد، الذي ثُبِتَ تحت ركبة ضابط شرطة في مينيابوليس، مينيسوتا في الخامس والعشرين من أيار، صدم العالم وأجج مطالبات بالعدالة. وكما قال مسؤولون كبار على جميع المستويات في الحكومة الأمريكية، إن موته مأساة كانت يجب أن لا تحدث. وقد ملأ مشهد لحظات فلويد الأخيرة، الأمريكيين بالرعب والغضب والحزن. ونزل الأمريكيون للشوارع للإحتجاج. وما زالت هذه الإحتجاجات مستمرة في العديد من المدن حول البلاد. للأسف إن موت السيد فلويد ليس فريداً، حيث يواجه الأمريكيون من أصل أفريقي إحتمالا أكبر للإصابة أو الموت أثناء المواجهة مع الشرطة.
إن الغالبية العظمى من ضباط الشرطة في بلادنا يستحقون الثناء على خدمتهم العامة ومهنيتهم، التي في كثير من الأحيان في ظروف خطرة. يجب علينا مع ذلك أن ندرك أن وحشية الشرطة هي قضية خطيرة تهدد مصداقية نظام العدالة في بلادنا. إن الشرطة في كل مكان لديها مهمة بأن تخدم وتحمي الجماهير. ويجب أن يخضعوا للمساءلة عندما يقصرون.
للأسف فإن الإحتجاجات التي ما تزال مستمرة، قد رافقها العنف وفي بعض الأحيان نهب وتدمير الممتلكات العامة والخاصة. لا يمكن الدفاع عن هذه الأفعال ولا تخدم القضية الحقيقية: هو موت جورج فلويد، وكيفية إيقاف هذه الأنواع من الوفيات التي تتكرر.
هذا الوقت هو للبحث عن الذات والصدق وفتح الحوار وأخذ الإجراءات لإيقاف هذا السيناريو. من الصعب أن نعترف ومن الأصعب أن نبدأ حديثا عن موت جورج فلويد والسياق العام والتاريخي الذي حصلت به الوفاة. سوف يستخلص الناس استنتاجات مختلفة لما حدث والأحداث التي حصلت منذ شهر أيار. سيركز البعض على التناقضات، إن لم يكن ما يعتقدون، هو نفاق افعالنا مقابل كلامنا. لا بأس. المهم هو أننا نعترف بأوجه القصور والخطأ المجتمعي، لأن هذه المشاكل لن تحل نفسها. يجب على الأمريكيين أن يعملوا معاً بجد أكبر، لضمان معاملة كل فرد في بلادنا على قدم المساواة بموجب القانون وداخل المجتمع الأمريكي. لذا ، فليبدأ الشفاء، ويبدأ الحوار الذي تشتد الحاجة إليه في هذه الخطوة الأولى، نحو ما هو مكتوب في مقدمة دستورنا ، ” اتحاد أكثر كمالاً”.
شكرا لكم مرة أخرى. فليبارك الله الأردن وليبارك الولايات المتحدة الأمريكية.