كلمة السفيرة الأمريكية أليس ويلز حول قضايا اللاجئين

صباح الخير،

يواجه العالم اليوم تحدياً غير مسبوق، ألا وهو وصول عدد النازحين قسرياً إلى أعلى مستوى مسجل على الإطلاق. لقد أنتجت النزاعات المشتعلة في أماكن كسوريا والعراق وأفغانستان واليمن وليبيا وجنوب السودان خمسة وستين مليون لاجئ، سواء أكانوا نازحين داخلياً أو ممن يبحثون عن اللجوء في مختلف مناطق العالم بما فيها الأردن.

ويعتبر هذا الرقم أكثر من ضعف عدد الأشخاص الذي أجبروا على النزوح قبل عقد من الزمن. وفي الوقت الذي يركز فيه العالم على المليون لاجئ الذين اقتحموا البوابة الأوروبية في عام 2015، يلجأ أكثر من ثمانية أشخاص من كل عشر أشخاص هربوا عبر الحدود إلى دول فقيرة أو متوسطة الدخل، كالأردن في الغالب، التي تكافح لتوفير الوظائف والتعليم والرعاية الصحية والمياه النظيفة حتى لمواطنيها. ويعيش الذين يعبرون الحدود وقت أطول في المنفى، كما انخفض عدد اللاجئين الذين يعودون إلى بلادهم طوعيا في وقتنا هذا إلى أخفض نقطة مقارنة بالثلاثين عاماً الماضية، حيث يقل عددهم في يومنا هذا عن 1% بكثير من عدد اللاجئين حول العالم.

تلتزم حكومة الولايات المتحدة بمعالجة هذه التحديات، بالشراكة مع اللاجئين ومجتمعاتهم المستضيفة.

فلقد قدمت منذ بداية نشأتها ملجأً للاجئين الذين هربوا من أخطر الظروف في العالم وأكثرها إحباطاً. وقد شرّع الكونغرس الأمريكي في عام 1948 أول تشريع للولايات المتحدة بخصوص اللاجئين لإدخال مئات الآلاف من الأوروبيين الذين نزحوا خلال الحرب العالمية الثانية. كما نصت القوانين اللاحقة على قبول الأشخاص الهاربين من الشيوعية ، حيث كان أكبر عدد منهم من الصين وهنجاريا وكوريا وبولندا ويوغسلافيا، بالإضافة إلى إدخال الكوبيين الذين هربوا من نظام فيدل كاسترو في الستينيات. وفتحت الولايات المتحدة أبوبها كذلك خلال السبعينيات والثمانينيات للهاربين من فيتنام والاتحاد السوفييتي سابقاً، وأدخلت إلى أراضيها ما يزيد على ثلاثة ملايين لاجئ من أكثر من سبعين دولة منذ عام 1975.

وها نحن نتوسع في برنامجنا لإعادة التوطين لقبول 85,000 لاجئ هذا العام من حول العالم، حيث زدنا عدد اللاجئين لهذا العام مقارنة بالـ 70,000 لاجئ الذين أعدنا توطينهم في كل من السنوات الثلاث الماضية. كما أننا ملتزمون بزيادة هذا العدد إلى 110,000 العام القادم. ويأتي هذا علاوة على عدد المهاجرين الذي يقارب 450,000- 550,000 ممن ترحب بهم الولايات المتحدة سنوياً.

نؤمن بدرجة كبيرة بأنه عند إعطاء الفرص الصحيحة للاجئين والمهاجرين على حد سواء، فإن بإمكانهم  تقوية عماد دولتنا. لقد صرح الرئيس باراك أوباما مؤخراً: ” تترك المحن التي ينجوا منا اللاجئين والطموحات التي يحملونها صدى لدى الأمريكيين. لقد بُنيت الولايات المتحدة بسواعد أشخاص هربوا من القمع والحروب وتعلقوا بفرصة أتيحت لهم فعملوا ليل نهار على إعادة بناء أنفسهم في هذه الأرض الجديدة”.

ولكن لا يُمثل التزامنا بإعادة توطين اللاجئين في الولايات المتحدة سوى نصف القصة، فمنذ إعداد اتفاقية عام 1951 وبروتوكول عام 1967 لأوضاع اللاجئين، كانت الولايات المتحدة وما زالت المساهم الرئيسي في تقديم المساعدات الإنسانية للاجئين وضحايا النزاع حول العالم.

نساهم في عمليات الإغاثة الإنسانية حول العالم أكثر من أي دولة أخرى، حيث تجاوزت المساعدات الإنسانية الأمريكية العام الماضي ستة مليارات دولار، كما قدمنا مساعدات أنقذت حياة ملايين الأشخاص حول العالم.

وبالرغم من الارتفاع الكبير في تمويل الإنساني الذي نقدمه وتقدمه الجهات المانحة الاخرى في السنوات الأخيرة، إلا أنها لم تُواكب تلبية الاحتياجات غير المتوقعة، حيث لم يُمول سوى نصف الطلبات التي تقدمت بها الأمم المتحدة للإغاثة الإنسانية العام الماضي، كما قد وصل هذا التحدي بأنظمة المساعدات التقليدية إلى نقطة الانهيار.  ويعلم الأردن بأن هذا الأمر قد ترك المجتمعات المستضيفة غارقة في التعامل مع هذا التحدي، كما أجبر حكومات الدول المستضيفة مثل الأردن على إعادة توجيه مواردها المحدودة لرأب فجوة التمويل.

وإدراكاً منا بأن العالم يواجه أزمة إنسانية ذات تبعات ستؤدي إلى زعزعة الأوضاع في العمق، يستضيف الرئيس باراك أوباما قمة القادة حول اللاجئين بتاريخ 20 أيلول على هامش اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة. ولقد دعا الرئيس أوباما جلالة الملك عبد الله الثاني للمشاركة في استضافة القمة مع كل من رئيس الوزراء الكندي جستن ترودو ورئيس الوزراء الإثيوبي هاليريم ديسلن والوزيرة الألمانية آنجيلا ميركل و الرئيس المكسيكي إنريك بينا نيتو ورئيس الوزراء السويدي ستيفان لوفين والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.

لقد دُعيت هذه الدول لأنها تقدم مساهمات جديدة وكبيرة لمعالجة الأزمة الإنسانية العالمية، كما أنها تساعد على استقطاب استجابة دولية على نطاق أوسع.

وتهدف القمة التي دعا إليها الرئيس إلى توسيع شبكة الأمان الإنساني، وإيجاد فرص أكثر استدامة وطويلة المدى للاجئين، إدراكاً منا لطبيعة معظم حالات اللجوء التي تدوم لفترة طويلة جداً. نشجع جميع الدول على الانضمام إلينا لإعداد ودعم اتفاقية دولية لتتشارك في تحمل مسؤولية اللاجئين.

ويأمل الرئيس أوباما بتحقيق ثلاث نتائج في القمة ألا وهي:

أولاً: الحصول على التزامات من الدول المشاركة لتقديم مساهمات جديدة وكبيرة للتمويل الإنساني.

ثانياً: قبول عدد أكبر من اللاجئين في برامج إعادة التوطين في هذه الدول.

ثالثاً: تقديم الدول التي تستضيف اللاجئين التزامات جديدة تتعلق بالمساعدة في اعتماد اللاجئين على أنفسهم، مع التركيز بشكل أكبر على منحهم فرص تعليمية ووظائف بشكل قانوني.

وفيما يلي توضيح لكل نقطة:

أولاً: تهدف القمة لتحقيق التالي من حيث المساهمات الجديدة والكبيرة للتمويل الإنساني:

  • التزام أوسع وأعمق لتمويل طلبات الإغاثة الإنسانية التي تقدمت بها الأمم المتحدة بزيادة التمويل المقدم لطلبات الإنسانية على مستوى العالم بمقدار 30%، أي من 10 مليارات دولار في عام 2015 إلى13 مليار دولار لهذا العام.
  • سيتطلب هذا الأمر التزامات من كلا الجهات المانحة التقليدية والجهات المانحة الجديدة التي يمكن الاعتماد عليها لتقديم مساهمات بشكل منتظم.

ثانياً: وتسعى القمة لتحقيق التالي من حيث قبول المزيد من اللاجئين المُعاد توطينهم حول العالم:

  • مضاعفة عدد هذه الفرص المقدمة للاجئين من خلال:
  • زيادة عدد اللاجئين الذين تستقبلهم الولايات المتحدة.
  • تشجيع دول إعادة التوطين التقليدية كأستراليا وكندا ونيوزيلندا وهولندا ودول الشمال الأوروبية على النظر في قبول المزيد من اللاجئين.
  • السعي إلى زيادة عدد الدول التي تقبل عدداً كبيراً من اللاجئين.

ثالثاً: كما ستشجع القمة الدول المستضيفة للاجئين على تسهيل الحصول على التعليم والوظائف بشكل قانوني.

  • ونهدف من خلال هذه التغييرات على السياسات إلى زيادة:
  • استيعاب اللاجئين في المدراس حول العالم بمقدار مليون لاجئ.
  • عدد اللاجئين الممنوحين تصاريح عمل قانونية بمقدار مليون لاجئ.
  • ونحث الدول المستضيفة للاجئين على تعزيز سياساتها وممارساتها المتعلقة باللاجئين لتحقيق هذه الأهداف، وحث المجتمع الدولي على الاستثمار بشكل مختلف الآن استجابة للنزوح طويل الأمد.

لقد دعا الرئيس باراك أوباما الأردن لتكون إحدى الدول المشاركة في استضافة القمة لأنه أظهر قيادة متميزة وشجاعة سياسية وتفكيراً متقدماً في كيفية التعامل مع أزمة اللاجئين العالمية تحت قيادة جلالة الملك عبد الله الثاني المعظم.

وتُعتبر خطة الاستجابة الأردنية التي أعلن عنها الأردن  في لندن في الرابع من شهر شباط، والدعم الإضافي الذي تعهدت به الدول لمساندة جهود الأردن دليلاً ملحوظاً على التزام الأردن باتخاذ الإجراءات بنفسه، الأمر الذي بإمكانه أيضاً المساهمة في حشد جهود الدول الأخرى لتدعم استراتيجية الأردن.

لقد أصدر الأردن العام الماضي قرابة 28,000 تصريح عمل للاجئين السوريين الذين يعملون في القطاعات التي لا يتنافسون فيها مع العمالة الأردنية، كما يتعهد بقبول 50,000 لاجئ سورين إضافي في المدارس الحكومية بالإضافة إلى إعداد برنامج تعويضي لـ 25,000 طالب ممكن لا يعتبرون مؤهلين حالياً لدخول مساق التعليم النظامي لأنهم لم يكونوا ملتحقين بالمدراس لفترة طويلة.

يستحق الأردن منا جميعاً إظهار التقدير والعرفان. كما أننا فخورون بدعم التزام الأردن بتوفير مستقبل منتج للاجئين سواء على المدى القصير من خلال تسخير مهاراتهم وعمالتهم لبناء اقتصاد الأردن، أو على المدى الطويل من خلال استفادة جيل السوريين الذين تعلموا وعملوا في الأردن من مهاراتهم لإعادة بلدهم على ما كانت عليه بعد العودة إليها.  وتعتبر هذه الخطوات مثالاً آخر على كرم الأردنيين تجاه جيرانهم في المنطقة.

ولكننا نعي كذلك التحديات الأمنية والإنسانية التي يواجهها الأردن في تحديد طبيعة الاستجابة لحالة معقدة جداً على حدوده في الركبان والحدلات، حيث تجمع خليط متفاوت من السوريين يضم الباحثين الشرعيين عن ملجأ وأولئك الذين يرغبون في البقاء في سوريا ولكنهم يبحثون عن ملاذ آمن من القصف الجوي والمتجرين بالبشر والمهربين والمجموعات المسلحة بالإضافة إلى المجموعة التي يعرفها الأردن جيداً ألا وهي الإرهابيين. وسنعمل مع الأردن والمجتمع الدولي خلال الأيام والأسابيع والأشهر القادمة على البحث عن أفضل الخيارات لتلبية المتطلبات الأمنية للأردن ومعالجة المحنة الإنسانية للسوريين المتضررين.

لا ينبغي أن تعاني الدول المستضيفة للاجئين لقيامها بما هو صائب.  ولذلك سنستمر في تقديم الدعم لمئات الآلاف من اللاجئين الذين يعيشون في الأردن، في مخيمات اللاجئين وفي المجتمعات المستضيفة.

كما قد قدمت الولايات المتحدة قرابة 795 مليون دولار كمساعدات إنسانية للسوريين داخل الأردن منذ بدء الأزمة، بالإضافة إلى مستويات المساعدات الثنائية التاريخية التي نقدمها للأردن والتي بلغت أكثر من 1.6 مليار في عام 2016، حيث خصص 420 مليون دولار منها لدعم المجتمعات المستضيفة للاجئين. ويوفر التمويل الذي نقدمه مساعدات نقدية لأكثر اللاجئين تضرراً لتلبية احتياجاتهم الأساسية، بما فيها تقديم الرعاية الصحية للأمهات والأطفال. كما يساهم التمويل الذي نقدمه في توسيع الغرف الصفية والمستشفيات وتحسين البنية التحتية للمياه والصرف الصحي في المجتمعات الأكثر تأثراً بأزمة اللاجئين لتعود بالفائدة على السوريين والأردنيين على حد سواء.
نحن ملتزمون بإعادة توطين اللاجئين في الولايات المتحدة كما ذكرت سابقاً، ويتضمن ذلك اللاجئين الذين يعيشون حالياً في الأردن.  لقد أعادت سفارتنا في العام الماضي فقط توطين أكثر من 11,000 لاجئ من أكثر اللاجئين السورين تضرراً في المنطقة في الولايات المتحدة، ويبلغ حوالي 80% منهم من الأردن. ولقد تشرفت برؤية اللاجئ رقم 10,000 يغادر إلى الولايات المتحدة بتاريخ 28 آب.

كما نهدف إلى قبول المزيد من اللاجئين السوريين المعاد توطينهم في الولايات المتحدة من المنطقة بشكل كبير العام القادم، وسيكون معظمهم من الأردن. ونشكر الحكومة الأردنية على دعمها الذي يجعل من هذا الأمر ممكناً إلى حد كبير، والتي تسمح لنا باستخدام المرافق بشكل مؤقت لزيادة وتيرة عملياتنا لإعادة التوطين.

لقد كانت وما زالت حكومة الولايات المتحدة جهة مانحة رئيسية لمساعدة السوريين الذين يرغبون في البقاء في سوريا، حيث أن ثلث السكان نازح داخلياً، وإن كان ذلك يعني العيش في جو من العنف الشديد والمدمر. كما قدمت الولايات المتحدة 115 مليون دولار لدعم الأنشطة المتعلقة بتلبية احتياجات الغذاء والصحة والمياه لهؤلاء السكان عبر الحدود من جهة الأردن كي لا يحتاجوا للهروب إلى الدول المجاورة لينجوا بأنفسهم.  وتساعد أنشطتنا المتعلقة بالخدمات الأساسية المجتمعات على استعادة المياه والكهرباء، وصيانة المدارس والمستشفيات، وإدارة الموارد التي تعتبر في الغالب شحيحيه ومتفرقة بشكل أفضل.  وقد ساعد برنامجنا لتقديم الخدمات الأساسية منذ عام 2014 أكثر من 800,000 سوري بتوفير مصادر طاقة يمكن الاعتماد عليها، والحصول على المياه بشكل أفضل، والعودة إلى المدارس، والبدء في الانخراط في أنشطة المعيشة الأساسية.

وقدمت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أكثر من 40 مليون  دولار منذ عام 2013 لغايات نقل وتوزيع أكثر من 68,000 طن متري من الطحين والخميرة المرافقة له لأكثر من 50 مخبز في الجنوب السوري، مما وفر قوت السورين اليومي من الخبز لأكثر من 300,000 شخص في 130 مجتمع في درعا والقنيطرة.

كما رتّبت حكومة الولايات المتحدة أولويات تقديم الرعاية الصحية للمواطنين المقيمين في سوريا الذين شهدوا تدهوراً في نظام الرعاية الصحية لديهم خلال الحرب التي تجاوزت الخمسة أعوام. ولقد وفرنا الرعاية الصحية لحوالي 3.8 مليون سوري في عامي 2015 و2016 من خلال توفير الدواء واللوازم الطبية،  ودعم المستشفيات والعيادات لتبقى عاملة، ودعم الأطباء والممرضين الذين يوفرون الرعاية الطبية الحرجة لمن يحتاجونها في ظل النزاع المستمر.

وأود في النهاية أن أشير إلى دعمنا للوكالة الدولية للإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، حيث تعتبر الولايات المتحدة أكبر جهة مانحة ثنائية للأونروا كغيرها من وكالات الأمم المتحدة للإغاثة، فقد قدمنا أكثر من 316 مليون دولار إلى الآن لتغطية احتياجات الأونروا لعام 2016. ولكن دعمنا ليس كاف، حيث تواجه الأونروا حالياً نقصاً في التمويل يتطلب جهود عدة جهات مانحة للتعامل معه. وسوف نستمر بالعمل مع الأونروا والحكومات المانحة والمستضيفة الأخرى لإيجاد حل يضمن حصول الأونروا على التمويل الذي تحتاجه.

أود في الختام أن أشكر الأردن على كرمه، وأؤكد على بقاء الولايات المتحدة ملتزمة بدعمها المستمر للمجتمعات المستضيفة واللاجئين في الأردن وحول العالم.

أشكركم مرة أخرى على الوقت الذي خصصتموه للحضور إلى هنا اليوم، وأتطلع إلى إجراء نقاش حيوي معكم حول هذا الموضوع.