شكرًا لكم، وبالنيابة عن زملائي في السفارة والشعب الأمريكي، أرحب بكم أنا وزوجتي لورا في الاحتفال بعيد استقلال الولايات المتحدة الأمريكية. لقد قمنا بدعوتكم الليلة لحضور هذا الاحتفال لأنّنا نثمن الدور الذي تضطلعون به في تمكين الشباب الأردني. وسنتطرق للمزيد عن هذا الموضوع بعد قليل.
نحتفل هذا العام بمرور 245 عامًا على استقلال أمريكا. على مرّ التاريخ – وبفضل دستورنا الذي ألهم العديد من ديمقراطيات الدول الأخرى، وتمكين مؤسساتنا وعملياتنا الديمقراطية - استمر الشعب الأمريكي في إحراز تقدم ملحوظ في تحمل مسؤولية تشكيل دستورنا، رغم صعوبة ذلك الأمر، من أجل “تشكيل اتحاد أكثر مثالية”.
وبالرغم من أننا نعد أقدم دولة ديمقراطية في العالم، إلا أننا لطالما واجهنا آلامًا وصعوبات كثيرة. ويمكن القول بإنّ قصة أمريكا تجسد المعنى الحقيقي للمرونة والصمود.
بعد مرور أقلِ من مئة عام على تأسيسنا، خضنا حربًا أهلية، من جملة أمور أخرى، لإلغاء العبودية. وقد أدت هذه الحرب إلى خسائر بشرية تُقدّر بربع مليون جندي بالإضافة إلى عدد غير محدود من الخسائر في صفوف المدنيين.
لقد قمنا بتعديل دستورنا عدة مرات، على سبيل المثال، لتوسيع نطاق حق التصويت ليشمل الأقليات العرقية والنساء. وبعد إخفاقنا في تحقيق المساواة بين جميع مواطنينا، شهدنا انطلاقة حركة الحقوق المدنية، والتي أدت إلى صدور تشريع تاريخي في قانون الحقوق المدنية وقانون حقوق التصويت.
وفي كل حالة من هذه الحالات، كان الشباب يقفون في الصفوف الأمامية. كان توماس جيفرسون يبلغ من العمر ثلاثة وثلاثون عامًا عندما قام بصياغة إعلان الاستقلال. وكان عمر ألكسندر هاميلتون اثنان وعشرون عامًا عندما أصبح كبير مساعدي الجنرال جورج واشنطن حيث ساعد في تشكيل وقيادة الجيش القاري الجديد.
ولم يتجاوز مارتن لوثر كينغ جونيور السادسة والعشرين من العمر عندما قاد حملة مقاطعة حافلات مونتغمري. أما سوزان بي. أنتوني، التي أصبحت من الشخصيات البارزة المطالبة بحق المرأة في التصويت في الانتخابات – فقد بدأت في سن السابعة عشر بجمع عرائض مناهضة للرّق أو العبودية. ولمكافحة الفصل العنصري، جمعنا الطلاب من مختلف الفئات في مدارسنا. وكانت نائبة الرئيس، كامالا هاريس، والتي لم يتجاوز عمرها الست سنوات في ذلك الوقت، من ضمن هؤلاء الطلاب الذين تحلوا بالجرأة والشجاعة.
هذه القصص التاريخية القصيرة تجسد المعنى الحقيقي للديمقراطية الأمريكية. إنّ الديمقراطية هي التي تمكّن الشعب – شبابًا وكبارًا على حد سواء – من تحقيق التغيير الذي ينشدونه. واليوم، يعد الكونغرس الأمريكي الهيئة التشريعية الأكثر تنوعًا من الناحيتين العرقية والإثنية في التاريخ، حيث ينتمي عضو واحد تقريبًا من أصل أربعة أعضاء إلى إحدى الأقليات العرقية، مما جعل قيادتنا السياسية أكثر تمثيلًا الآن لمواطني أمتنا.
إنّ التحديات لا تزال قائمة من دون أدنى شك، فنحن لم ننهِ العنصرية الممنهجة. ويكفي النظر إلى حوادث القتل التي ارتكبت ضد أصحاب البشرة الملونة؛ بالإضافة إلى حوادث رهاب الإسلام وحوادث الكراهية المناهضة للآسيويين، ومعاداة السامية.
ومع ذلك، فإنّ أمريكا ملتزمة بمواجهة العنصرية. ليس فقط بسبب موروثنا من العبودية، بل لأن أمريكا أمة من المهاجرين. فأنا ابنٌ لسيّدة حصلت على الجنسية الأمريكية، ولغتي الأم لم تكن الإنجليزية – وهي حقيقة يعرفها القليلون فقط – بالنظر إلى اسمي الذي تعود أصوله إلى الأنجلوسكسونية. كما كانت اللغة الألمانية هي اللغة الأم لأجداد لورا من جانب كلا والديها. لقد انضم أحد أجدادها إلى الجيش الأمريكي فقط حتى يتمكن من تعلم اللغة الإنجليزية.
كما أنّ العديد من زملائي الأمريكيين العاملين في هذه السفارة وغيرها من السفارات ممن خدمت معهم – هم مهاجرون وأبناء مهاجرين، ولديهم خلفيات متنوعة. على سبيل المثال، يصوم زملاؤنا المسلمين الأمريكيين العاملين في هذه السفارة شهر رمضان الكريم إلى جانب العديد منكم.
لقد عززت ديمقراطيتنا الدستورية التنوع على مدى التاريخ وساعدتنا في التغلب على التحديات عندما كانت هذه القيمة معرضة للخطر. وكما قال سيادة الرئيس بايدن، إننا نؤمن إيمانًا راسخًا بأنّ الديمقراطية لا تزال قادرة على أن تحقق مصالح شعبنا، وأنها ضرورية لمواجهة تحديات عصرنا.
إنّ العديد من التحديات التي نواجهها هي تحديات عالمية وتشير الأدلة إلى أنّ الوسيلة الأمثل لحل هذه المشكلات والقضاء عليها تكمن في تعاون الدول معًا. ولهذا السبب، وبتوجيهات من الرئيس بايدن، تعمل الولايات المتحدة على استعادة تحالفاتها وتلتزم من جديد بالمؤسسات متعددة الأطراف. لقد انضممنا مجددًا إلى منظمة الصحة العالمية واستأنفنا تقديم المساعدات لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) والتي تقدم الدعم للاجئين الفلسطينيين، وانضممنا أيضًا إلى اتفاق باريس بشأن المناخ؛ وقمنا بإشراك مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة من جديد.
وكما قال سيادة الرئيس، ”إنّ أعظم مصادر قوتنا تكمن في حلفائنا وتحالفاتنا.” ويتجلى هذا في أوضح صوره في الأردن، حيث يلتزم كلا بلدينا بتحقيق أهداف ذات أهمية مشتركة.
لقد طرأت تغيّرات كثيرة منذ جولتي السابقة للأردن قبل بضع سنوات. فقد ازدادت صعوبة الحياة الآن – ليس هنا فقط، بل في مختلف أرجاء العالم. ومع ذلك، لا تزال عزيمة الشعب الأردني وقدرته على الصمود مستمرة.
من ضمن الأولويات الملحة للسياسة الأمريكية في الأردن تعزيز الفرص الاقتصادية والنهوض بها. إذ يتميّز الأردن بأنه من الدول الفتيّة في عدد السكان حيث يشير المعدل إلى أن 7 أشخاص من أصل 10 أردنيين تقلّ أعمارهم عن 35 عامًا. ومع ذلك، أفاد البنك الدولي مؤخرًا بأنّ 50% من الشباب الأردني عاطلون عن العمل. ونحن نطمح إلى المساعدة في تغيير ذلك وتأمين مستقبل أفضل للأردن من خلال تمكين الشباب وذلك من خلال
تقديم برامج التنمية في مجالات التعليم والثقافة والاقتصاد. ولذا، إنني أتطلع قدمًا إلى إجراء حوار مثمر هذا المساء حول السبل التي يمكن للولايات المتحدة أن تدعم من خلالها الشباب الأردني.
قبل 245 عامًا، أعلن الآباء المؤسسون لأمريكا استقلال الولايات المتحدة الأمريكية، وكانوا مدركين لحقيقة أنّهم سيواجهون تحديات عظيمة خلال رحلتهم المستقبلية. واليوم أيضًا، إنّ التحديات التي نواجهها هائلة - ولكن لسنا خائفين من هذا الأمر، لقد أثبت العام الماضي لنا أنّه عندما يسعى الأشخاص لتحقيق أهداف مشتركة، فإنهم يصبحون أكثر قوة.
ومع ذلك، وكما أشار سيادة الرئيس بايدن، لقد كنا دائمًا أمة تتطلع إلى التقدم، وما زلنا نسعى جاهدين نحو تشكيل اتحاد أكثر مثالية. بعد خمس سنوات من الآن – سيصادف الرابع من تموز لعام 2026 الذكرى الـ250 لاستقلال الولايات المتحدة الأمريكية. ونبدأ اليوم الاحتفال بهذه المناسبة مع شركائنا بمرور 250 عام على تأسيس أمريكا وندعو جميع الأمريكيين وكذلك أصدقائنا في الخارج للمساعدة في تكريم ماضينا وتشكيل مستقبلنا.
بالنيابة عن الولايات المتحدة، والسفارة الأمريكية، وزوجتي لورا وعائلتنا، اسمحوا لي أن أرحب بكم مرة أخرى في هذا الاحتفال باستقلال أمريكا.
فليبارك الله الأردن وليبارك الولايات المتحدة الأمريكية.