شكرًا لكم، وبالنيابة عن زملائي في السفارة والشعب الأمريكي، أرحب بكم أنا وزوجتي لورا في الاحتفال بعيد استقلال الولايات المتحدة الأمريكية. لقد قمنا بدعوتكم الليلة لحضور هذا الاحتفال لأنّنا نثمن الدور الذي تضطلعون به في المجال الأمني. وسنتطرق للمزيد عن هذا الموضوع بعد قليل.
نحتفل هذا العام بمرور 245 عامًا على استقلال أمريكا. بفضل دستورنا الذي ألهم العديد من ديمقراطيات الدول الأخرى وتمكين مؤسساتنا وعملياتنا الديمقراطية، استمر الشعب الأمريكي، على مرّ التاريخ، في إحراز تقدم ملحوظ في تحمل مسؤولية تشكيل دستورنا، رغم صعوبة ذلك الأمر، من أجل “تشكيل اتحاد أكثر مثالية”.
وبالرغم من أننا نعد أقدم دولة ديمقراطية في العالم، إلا أننا واجهنا آلامًا وصعوبات كثيرة. ويمكن القول بإنّ قصة أمريكا تجسد المعنى الحقيقي للمرونة والصمود.
بعد مرور أقلِ من مئة عام على تأسيسنا، خضنا حربًا أهلية، من جملة أمور أخرى، لإلغاء العبودية. وقمنا بإجراء عدة تعديلات على دستورنا، ومن الأمثلة على ذلك، توسيع نطاق حق التصويت ليشمل الأقليات العرقية والنساء.
بعد إخفاقنا في تحقيق المساواة بين جميع المواطنين في مجال تمكين قدراتهم، شهدنا انطلاقة حركة الحقوق المدنية، والتي أدت إلى صدور تشريع تاريخي في قانون الحقوق المدنية وقانون حقوق التصويت. ولمكافحة الفصل العنصري، عملنا على دمج الطلاب من مختلف الفئات العرقية في المدارس. وكانت نائبة الرئيس، كامالا هاريس من ضمن هؤلاء الطلاب الذين تحلوا بالجرأة والشجاعة.
تجسد هذه القصص التاريخية القصيرة المعنى الحقيقي للديمقراطية الأمريكية. واليوم، يعد الكونغرس الأمريكي الهيئة التشريعية الأكثر تنوعًا من الناحيتين العرقية والإثنية في التاريخ، حيث ينتمي عضو واحد تقريبًا من أصل أربعة أعضاء إلى إحدى الأقليات العرقية، مما جعل قيادتنا السياسية أكثر تمثيلًا الآن لمواطني أمتنا.
لا تزال التحديات قائمة من دون أدنى شك، إذ لا يزال علينا القضاء على العنصرية الممنهجة. ويكفي النظر إلى حوادث القتل التي ارتكبت ضد أصحاب البشرة الملونة؛ بالإضافة إلى حوادث رهاب الإسلام وحوادث الكراهية المناهضة للآسيويين، ومعاداة السامية.
ومع ذلك، فإنّ أمريكا ملتزمة بمواجهة العنصرية. ليس فقط بسبب موروثنا من العبودية، بل لأن أمريكا أمة من المهاجرين. فأنا ابنٌ لسيّدة حصلت على الجنسية الأمريكية، ولغتي الأم لم تكن الإنجليزية – وهي حقيقة يعرفها القليلون فقط – بالنظر إلى اسمي الذي تعود أصوله إلى الأنجلوسكسونية. كما كانت اللغة الألمانية هي اللغة الأم لأجداد لورا من جانب كلا والديها. وقام أحد أجدادها بالانضمام إلى الجيش الأمريكي فقط ليتعلم اللغة الإنجليزية.
إنّ العديد من زملائي الأمريكيين العاملين في هذه السفارة وغيرها من السفارات ممن خدمت معهم – هم مهاجرون وأبناء مهاجرين. وينتمون إلى خلفيات متنوعة ومختلفة. على سبيل المثال، يصوم زملاؤنا المسلمين الأمريكيين العاملين في هذه السفارة شهر رمضان الكريم إلى جانب العديد منكم.
لقد عززت ديمقراطيتنا الدستورية التنوع في أمريكا على مدى التاريخ وساعدتنا في التغلب على التحديات عندما كانت هذه القيمة معرضة للخطر. وكما قال سيادة الرئيس بايدن، إننا نؤمن إيمانًا راسخًا بأنّ الديمقراطية لا تزال قادرة على تحقيق مصالح الشعب الأمريكي، وأنها ضرورية لمواجهة تحديات عصرنا.
إنّ العديد من التحديات التي نواجهها هي تحديات عالمية وتشير الأدلة إلى أنّ الوسيلة الأمثل لحل هذه المشكلات والقضاء عليها تكمن في تعاون الدول معًا. ولهذا السبب، وبتوجيهات من الرئيس بايدن، تعمل الولايات المتحدة على استعادة تحالفاتها وتلتزم من جديد بالمؤسسات متعددة الأطراف. لقد انضممنا مجددًا إلى منظمة الصحة العالمية واستأنفنا تقديم المساعدات لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) والتي تقدم الدعم للاجئين الفلسطينيين، وانضممنا أيضًا إلى اتفاق باريس بشأن المناخ؛ وقمنا بإشراك مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة من جديد.
وكما قال سيادة الرئيس، “إنّ أعظم مصادر قوتنا تكمن في حلفائنا وتحالفاتنا.” ويتجلى هذا في أوضح صوره في الأردن، حيث يلتزم كلا بلدينا بتحقيق أهداف ذات أهمية مشتركة.
يعد الأردن شريكًا رئيسيًا للولايات المتحدة في مجال الأمن وحليفًا مهمًا لها. وبالرغم من وجود العديد من الأمثلة على التعاون الأمني بين البلدين، اسمحوا لي أن أذكر مثالًا واحدًا. تعمل وزارة الدفاع الأمريكية والقوات المسلحة الأردنية معًا كل سنة لاستضافة برنامج “الأسد المتأهب” وهو أكبر تدريب عسكري وأكثره تعقيدًا في المنطقة. ويتيح هذا التدريب الفرصة للقوات المسلحة الأردنية لإظهار قدراتها المتقدمة أمام تحالفنا بالكامل والشركاء الآخرين في المجال الأمني.
تهدف الولايات المتحدة، من خلال إقامتها للتدريبات الإقليمية مثل هذه التدريبات المشتركة والتمويل العسكري وغيرها من الأمور، إلى تعزيز قدرة الأردن على الحفاظ على أمن وسلامة شعبها.
نحن بدورنا ممتنون للدعم والتعاون الذين نتلقاهما من الجهات الأمنية الأردنية. فمديرية الأمن العام، على سبيل المثال، لا تدخر جهدًا في سبيل الحفاظ على سلامة وأمن موظفينا. بدءًا من قوات الدرك والجمارك إلى كل فرع وإدارة في جهاز الأمن الوطني الأردني، لقد كنتم أنتم وزملاؤكم مثالًا حقيقيًا لأقصى درجات المهنية والالتزام تجاه بعثاتكم وتحقيق التعاون بين الولايات المتحدة والأردن ونتقدم لكم بجزيل الشكر على هذه الجهود. وفي النهاية، نود التأكيد على أمر واحد، وهو أننا نشيد بالدور المهم للقيادة الأردنية في تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة.
إنني أتطلع قدمًا إلى إجراء حوار بنّاء هذا المساء حول السبل التي يمكن للولايات المتحدة أن تستمر من خلالها في بناء شراكة مع الأردن في المسائل الأمنية.
قبل 245 عامًا، أعلن الآباء المؤسسون لأمريكا استقلال الولايات المتحدة الأمريكية، وكانوا مدركين لحقيقة أنّهم سيواجهون تحديات عظيمة خلال رحلتهم المستقبلية. واليوم أيضًا، إنّ التحديات التي نواجهها هائلة – ولكن لسنا خائفين من هذا الأمر، لقد أثبت العام الماضي لنا أنّه عندما يسعى الأشخاص لتحقيق أهداف مشتركة، فإنهم يصبحون أكثر قوة.
ومع ذلك، وكما أشار سيادة الرئيس بايدن، لقد كنا دائمًا أمة تسعى لتحقيق التقدم، وما زلنا نسعى جاهدين نحو تشكيل اتحاد أكثر مثالية. بعد خمس سنوات من الآن – سيصادف الرابع من تموز لعام 2026 الذكرى الـ250 لاستقلال الولايات المتحدة الأمريكية. ونبدأ اليوم الاحتفال بهذه المناسبة مع شركائنا بمرور 250 عام على تأسيس أمريكا وندعو جميع الأمريكيين وكذلك أصدقائنا في الخارج للمساعدة في تكريم ماضينا وتشكيل مستقبلنا.
من أهم الانجازات البارزة خلال هذه المرحلة الإعلان مؤخرًا عن العطلة الرسمية الوطنية الجديدة في أمريكا. إذ يصادف يوم التاسع عشر من حزيران أو ما يعرف بـ”جونتينث” ذكرى الاحتفال بتحرير الأمريكيين من أصل إفريقي من العبودية بصورة غير رسمية لأكثر من قرن. وكما تلاحظون، فقد أعلن الرئيس بايدن “يوم التاسع عشر من حزيران” عطلة فيدرالية رسمية. لذا، قمنا بإغلاق السفارة يوم الأحد الماضي للاحتفال بهذا اليوم والتفكير فيما ينتظرنا لتشكيل اتحاد أكثر مثالية.
بالنيابة عن الولايات المتحدة، والسفارة الأمريكية، وزوجتي لورا وعائلتنا، اسمحوا لي أن أرحب بكم مرة أخرى في هذا الاحتفال باستقلال أمريكا.
فليبارك الله الأردن وليبارك الولايات المتحدة الأمريكية.