كلمة السفير هنري ووستر بمناسبة الإحتفال بإستقلال الولايات المتحدة في 9 حزيران، 2021

شكرًا لكم، وبالنيابة عن زملائي في السفارة والشعب الأمريكي، أرحب بكنّ أنا وزوجتي لورا في الاحتفال بعيد استقلال الولايات المتحدة الأمريكية.

أنا ممتنّ جدًا لفريق المتطوعين الذين ساهموا في تنظيم هذه الاحتفالية، ولن نرى العديد منهم اليوم لحفاظنا على حجم هذا التجمع الصغير احترامًا للتوجيهات المتعلقة بالصحة العامة في الأردن.

نحتفل هذا العام بمرور 245 عامًا على استقلال أمريكا. وبالرغم من أننا نعد أقدم دولة ديمقراطية في العالم، إلا أنّنا نعد دولة حديثة العهد نسبيًا، كما يتضح أحيانًا من المعاناة والصعوبات التي مررنا فيها.  ويمكن القول بإنّ قصة أمريكا تجسد المعنى الحقيقي للمرونة والصمود.

على مرّ التاريخ – وبفضل دستورنا الذي ألهم العديد من ديمقراطيات الدول الأخرى، وتمكين مؤسساتنا وعملياتنا الديمقراطية - استمر الشعب الأمريكي في إحراز تقدم ملحوظ في تحمل مسؤولية تشكيل دستورنا، رغم صعوبة ذلك الأمر، من أجل “تشكيل اتحاد أكثر مثالية”.

بعد مرور أقلِ من مئة عام على تأسيسنا، خضنا حربًا أهلية، من جملة أمور أخرى، لإلغاء العبودية. وقمنا بإجراء عدة تعديلات على دستورنا بعد ذلك لتوسيع نطاق حق التصويت ليشمل الأقليات العرقية والنساء.

لقد أصبحت المرأة قادرة على تقرير مصيرها بنفسها وقادت حركة شعبية، تسمى “حق التصويت” للفوز بحقها في الاقتراع والتصويت في الانتخابات قبل 101 سنة.

وعلى نحو مماثل، قاد الأمريكيّون من أصل إفريقي حركة الحقوق المدنية والتي أدت بدورها إلى صدور تشريع بارز في قانون الحقوق المدنية وحق التصويت.

أنا أقول هذا للتأكيد على أنّ ديمقراطيتنا تمكّن الشعب من السعي نحو تحقيق التغيير الذي ينشدونه في المجتمع.

ولمكافحة الفصل العنصري، جمعنا الطلاب من مختلف الفئات في مدارسنا متجاوزين بذلك الخطوط العرقية.   وكانت نائبة الرئيس، كامالا هاريس، من ضمن هؤلاء الطلاب الرائدين والجريئين الذين ساعدوا في عملية دمج المدارس في أمريكا.

هذه القصص القصيرة التاريخية تجسد المعنى الحقيقي للديمقراطية الأمريكية.   وإذا نظرنا إلى وقتنا الحالي، سنرى بأنّ الكونغرس الأمريكي الحالي هو الأكثر تنوعًا من الناحية العرقية والإثنية في التاريخ، حيث ينتمي عضو واحد تقريبًا من أصل أربعة أعضاء إلى إحدى الأقليات العرقية.  باختصار، لقد أصبحت قيادتنا السياسية الآن أكثر تمثيلًا لمواطني أمتنا.

إنّ التحديات لا تزال قائمة، فنحن لم ننهِ العنصرية الممنهجة بعد.  ويكفي النظر إلى جرائم القتل التي ارتكبت ضد جورج فلويد والعديد من الأشخاص الآخرين من ذوي البشرة الملونة؛ وفي تصاعد وتيرة حوادث الكراهية المناهضة للآسيويين، ومعاداة السامية، ورهاب الإسلام.

إنّ أمريكا ملتزمة بالتصدي للتمييز العنصري.  ليس فقط بسبب   موروثنا من العبودية، بل لأن أمريكا دولة تفتخر بالمهاجرين الموجودين على أرضها. كما أنّ سجل أمريكا، منذ تأسيسها، يعكس الإسهامات العظيمة ومقدار القوة التي منحها هذا التنوّع لنا. فأنا، على سبيل المثال، ابن سيّدة حصلت على الجنسية الأمريكية، ولغتي الأم لم تكن الإنجليزية – وهي حقيقة يعرفها القليلون فقط – بالنظر إلى اسمي إلى اسمي الذي تعود أصوله إلى الأنجلوسكسونية. كما كانت اللغة الألمانية هي اللغة الأولى لأجداد لورا من جانب كلا والديها.   لقد انضم أحد أجدادها إلى الجيش الأمريكي فقط حتى يتمكن من تعلم اللغة الإنجليزية.

كما أنّ العديد من زملائي في هذه السفارة – وغيرهم ممن خدمت معهم – هم مهاجرون وأبناء مهاجرين. حتى في شهر رمضان الكريم من كل عام، لم نكن بمنأى عن عيش أجواء الشهر الفضيل خارج أوقات العمل وذلك لأنّ زملائنا الأمريكيين المسلمين يصومون أيضًا. لقد ساعدتنا ديمقراطيتنا الدستورية في التغلب على التحديات على مدى تاريخنا.

وكما قال سيادة الرئيس بايدن، إننا نؤمن إيمانًا راسخًا بأنّ الديمقراطية لا تزال قادرة على أن تحقق مصالح شعبنا، وأنها ضرورية لمواجهة تحديات عصرنا.

إنّ العديد من التحديات التي نواجهها اليوم هي تحديات عالمية وتشير الأدلة إلى أنّ أفضل طريقة لحلّها والقضاء عليها تكمن في تعاون الدول معًا.

ولهذا السبب، وبتوجيهات من الرئيس بايدن، تعمل الولايات المتحدة على استعادة تحالفاتها وتلتزم من جديد بالمؤسسات متعددة الأطراف. لقد انضممنا مجددًا إلى منظمة الصحة العالمية واستأنفنا المساعدات المقدمة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) والتي تقدم الدعم للاجئين الفلسطينيين في جميع أنحاء المنطقة، وقد أعدنا انضمامنا إلى اتفاق باريس بشأن المناخ؛ وإشراك مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة من جديد.

والأهم من ذلك، وكما قال سيادة الرئيس، ”إنّ أعظم مصادر قوتنا تتلخص في حلفائنا وتحالفاتنا.”  ويتجلى هذا في أوضح صوره في الأردن، حيث يلتزم كلا بلدينا بتحقيق أهداف ذات أهمية مشتركة.

لقد طرأت تغيّر ات كثيرة منذ جولتي السابقة في الأردن قبل بضع سنوات.  فقد ازدادت صعوبة الحياة الآن – ليس هنا فقط، بل في مختلف أرجاء العالم. ومع ذلك، لا تزال عزيمة الشعب الأردني وقدرته على الصمود مستمرة؛ والأردنيون عازمون على الخروج من هذا الوباء العالمي أقوى مما كانوا عليه في بدايته.  وستواصل أمريكا في الوقوف إلى جانبكم خلال سعيكم لتحقيق ذلك.

من بين أهم أهداف السياسة الأمريكية تجاه الأردن تعزيز النمو الاقتصادي للمرأة والشباب. إنّ المرأة الأردنية امرأة متعلمة ومكافحة ولديها حافز قوي على تقديم يد العون لبلدها. ومع ذلك، تبقى الفجوة بين الجنسين في القطاع الخاص في الأردن هي الأوسع نطاقًا من أيّ بلد آخر لا يعيش ظروف الحرب.

وبناء عليه، من الأولويات الملحة لنا العمل على تمكين المرأة وضمان حصولها على الفرص التي تستحقها – وهو أمر إيجابي بالنسبة للمرأة وسيعود بالفائدة والمنفعة على الأردن.

في الواقع، لقد قمنا بدعوتكنّ الليلة، لنعرب عن مدى تقديرنا للدور القيادي الذي تضطلعن به كنساء رائدات في مجال الأعمال التجارية. لذا، أنا أتطلع إلى إجراء حوار مثمر وبنّاء هذا المساء حول السبل التي يمكن للولايات المتحدة أن تواصل من خلالها على زيادة تمكين المرأة وتعزيز النمو الاقتصادي الشامل في الأردن.

عندما أنهي عملي كسفير لدى الأردن، أودّ أن أقول إنّ علاقتنا الثنائية أضحت أقوى مما كانت عليه؛ وأنّ الولايات المتحدة أسهمت في تحقيق النمو الاقتصادي في الأردن؛ وأنّ العلاقة القوية التي تربط الولايات المتحدة بالأردن قد ازدادت قوة.

قبل 245 عامًا، أعلن الآباء المؤسسون لأمريكا استقلال الولايات المتحدة الأمريكية، وكانوا مدركين لحقيقة أنّهم سيواجهون تحديات عظيمة خلال رحلتهم المستقبلية.

واليوم أيضًا، إن التحديات التي نواجهها هائلة - ولكن لسنا خائفين من هذا الأمر، لقد أثبت لنا العام الماضي أنّه عندما يسعى الناس لتحقيق أهداف مشتركة، فإنهم يصبحون أقوى.  لذا، سنواصل معًا بناء شراكاتنا وتحالفاتنا للتصدي لهذه التحديات.

بالنيابة عن الولايات المتحدة، والسفارة الأمريكية، وزوجتي لورا وعائلتنا، اسمحوا لي أن أرحب بكن مرة أخرى في هذا الاحتفال باستقلال أمريكا.

فليبارك الله الأردن وليبارك أمريكا.