كلمة السفير هنري ووستر بمناسبة الإحتفال بإستقلال الولايات المتحدة في 2 حزيران، 2021

شكرًا لكم، وبالنيابة عن زملائي في السفارة والشعب الأمريكي، أرحب بكم أنا وزوجتي لورا في الاحتفال بعيد استقلال الولايات المتحدة الأمريكية.

أنا ممتنّ جدًا لفريق المتطوعين الذين جعلوا هذا الحدث ممكنًا، والذين لن نرى العديد منهم لحفاظنا على حجم هذا التجمع الصغير احترامًا للتوجيهات المتعلقة بالصحة العامة في الأردن.

نحتفل هذا العام بمرور 245 عامًا على استقلال أمريكا. إنّ قصة أمريكا تمثل المرونة الحقيقية.   وبالرغم من أننا أقدم ديمقراطية في العالم، إلا أنّنا نعد دولة حديثة العهد نسبيًا، كما يتضح أحيانًا من الآلام التي مررنا فيها.

لقد قمنا منذ البداية بصياغة دستورٍ ألهم العديد من الديمقراطيات الأخرى، ولكنّ هذا لا يعني أننا كنا مثاليين.

على مرّ التاريخ – وبفضل دستورنا وتمكين مؤسساتنا وعملياتنا الديمقراطية - استمر الشعب الأمريكي في إحراز تقدم ملحوظ في تحمل مسؤولية تشكيل دستورنا، رغم صعوبة ذلك الأمر، من أجل “تشكيل اتحاد أكثر مثالية”.

بعد مرور أقلِ من مئة عام على تأسيسنا، خضنا حربًا أهلية، من ضمن أمور أخرى، لإلغاء العبودية. وقمنا بإجراء عدة تعديلات على دستورنا بعد ذلك لتوسيع نطاق حق التصويت ليشمل الأقليات العرقية والنساء.

بعد إخفاقنا في تحقيق المساواة بين جميع مواطنينا، شهدنا انطلاقة حركة الحقوق المدنية، والتي أدت إلى صدور تشريع تاريخي في قانون الحقوق المدنية وقانون حقوق التصويت.    ولمكافحة الفصل العنصري، جمعنا الطلاب من جميع الفئات في مدارسنا متجاوزين بذلك الخطوط العرقية.   وكانت نائبة الرئيس، كامالا هاريس، من ضمن هؤلاء الطلاب الرائدين والجريئين الذين ساعدوا في عملية دمج المدارس في أمريكا.

هذه القصص القصيرة التاريخية تجسد الديمقراطية الأمريكية.   وتتجلى هذه المرونة في رؤية أكثر من 160 أمريكي من أصول أفريقية ممن خدموا في كونغرس الولايات المتحدة - إذ تمّ انتخاب أول شخص منهم في عام 1870، وكان ذلك بعد فترة وجيزة من الحرب الأهلية وإلغاء العبودية.

أدت مرونة الديمقراطية الأمريكية، في النهاية، إلى انتخاب باراك أوباما كأول رئيس أمريكي من أصول أفريقية للولايات المتحدة.

اليوم، تعدّ الدورة الـ 117 للكونغرس الأكثر تنوعًا من الناحية العرقية والإثنية في التاريخ، حيث ينتمي عضو واحد تقريبًا من أصل أربعة أعضاء إلى إحدى الأقليات العرقية.  باختصار، لقد أصبحت قيادتنا السياسية الآن أكثر تمثيلًا لمواطني أمتنا.

إنّ التحديات لا تزال قائمة، فنحن لم ننهِ بعد العنصرية الممنهجة. إذ لا يحتاج المرء إلا للنظر إلى جرائم القتل التي ارتكبت ضد جورج فلويد والعديد من الأشخاص الآخرين من ذوي البشرة الملونة؛ وفي تصاعد وتيرة حوادث الكراهية المناهضة للآسيويين، ومعاداة السامية، ورهاب الإسلام.

إنّ أمريكا ملتزمة بالتصدي للتمييز العنصري.  ليس فقط بسبب   موروثنا من العبودية، بل لأن أمريكا دولة تفتخر بالمهاجرين الموجودين على أرضها. كما أنّ سجل أمريكا، منذ تأسيسها، يعكس الإسهامات العظيمة ومقدار القوة التي منحها هذا التنوّع لنا. فأنا، على سبيل المثال، ابن لأم حصلت على الجنسية الأمريكية، ولغتي الأولى لم تكن الإنجليزية – وهي حقيقة يعرفها القليلون- بالنظر إلى اسمي إلى اسمي الذي تعود أصوله إلى الأنجلوسكسونية. كما كانت اللغة الألمانية هي اللغة الأولى لأجداد لورا من جانب كلا والديها.   لقد انضم أحد أجدادها إلى الجيش الأمريكي فقط حتى يتمكن من تعلم اللغة الإنجليزية.  كما أنّ العديد من زملائي في هذه السفارة – وغيرهم ممن خدمت معهم – هم مهاجرون وأبناء مهاجرين. حتى في شهر رمضان الكريم من كل عام، لم نكن بمنأى عن عيش أجواء الشهر الفضيل خارج أوقات العمل وذلك لأنّ زملائنا الأمريكيين المسلمين يصومون أيضًا. لقد ساعدتنا ديمقراطيتنا الدستورية في التغلب على التحديات على مدى تاريخنا.

وكما قال سيادة الرئيس، إننا نؤمن إيمانًا راسخًا بأنّ الديمقراطية لا تزال قادرة على أن تحقق مصالح شعبنا، وأنها ضرورية لمواجهة تحديات عصرنا.

إنّ العديد من التحديات التي نواجهها اليوم هي تحديات عالمية وتشير الأدلة إلى أنّ أفضل طريقة لحلّها والقضاء عليها تكمن في تعاون الدول معًا.

ولهذا السبب، وبتوجيهات من الرئيس بايدن، تعمل الولايات المتحدة على استعادة تحالفاتها وتلتزم من جديد بالمؤسسات متعددة الأطراف. لقد انضممنا مجددًا إلى منظمة الصحة العالمية واستأنفنا المساعدات المقدمة للأونروا، وقد أعدنا انضمامنا إلى اتفاق باريس بشأن المناخ؛ وإشراك مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة من جديد.

والأهم من ذلك، وكما قال سيادة الرئيس، ”إنّ أعظم مصادر قوتنا تتلخص في حلفائنا وتحالفاتنا.”  ويتجلى هذا في أوضح صوره في الأردن، حيث يلتزم كلا بلدينا بتحقيق أهداف ذات أهمية مشتركة.

لقد طرأت تغيّر ات كثيرة منذ جولتي السابقة في الأردن قبل بضع سنوات.  لقد أصبحت الحياة أكثر صعوبة الآن – ليس هنا فقط، بل في مختلف أرجاء العالم. ومع ذلك، لا تزال عزيمة الشعب الأردني وقدرته على الصمود مستمرة؛ والأردنيون عازمون على الخروج من هذا الوباء العالمي أقوى مما كانوا عليه في بدايته.  وتستمر أمريكا في الوقوف إلى جانبكم خلال سعيكم لتحقيق ذلك.

من بين أهم أهداف السياسة الأمريكية تجاه الأردن تعزيز النمو الاقتصادي. وفي العام الماضي فقط، احتفلنا بمرور عشرين عامًا على اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة والأردن، والتي عملت على جعل الاقتصاد الأردني أقوى وزادت من حجم التبادل التجاري بشكل كبير بين البلدين. والواقع أنّ 20% من صادرات الأردن تذهب الآن إلى الولايات المتحدة، وهذه الأهداف توضح ما حققته شراكتنا وما يمكن أن تواصل تحقيقه.

عندما أنهي عملي كسفير لدى الأردن، أودّ أن أقول إنّ علاقتنا الثنائية أضحت أقوى مما كانت عليه؛ وأنّ الولايات المتحدة أسهمت في تحقيق النمو الاقتصادي في الأردن؛ وأنّ العلاقة القوية التي تربط الولايات المتحدة بالأردن قد أصبحت متينة أكثر.

تصادف سنة 2021 ذكرى مرور 100 عام على تأسيس إمارة شرق الأردن.  لذا، وكما نحتفل بأمريكا اليوم، اسمحوا لي أن أهنئكم على الذكرى المئوية لبلدكم.  ونحن نتطلع قدمًا إلى بناء صداقة قوية مع الشعب الأردني.

قبل 245 عامًا، أعلن الآباء المؤسسون لأمريكا استقلال الولايات المتحدة الأمريكية، وكانوا مدركين لحقيقة أنّهم سيواجهون تحديات عظيمة خلال رحلتهم المستقبلية.

واليوم أيضًا، إن التحديات التي نواجهها هائلة - ولكن لسنا خائفين من هذا الأمر، لقد أثبت لنا العام الماضي أنّه عندما يسعى الناس لتحقيق أهداف مشتركة، فإنهم يصبحون أقوى.  لذا، سنواصل معًا بناء شراكاتنا وتحالفاتنا للتصدي لهذه التحديات.

بالنيابة عن الولايات المتحدة، والسفارة الأمريكية، وزوجتي لورا وعائلتنا، اسمحوا لي أن أرحب بكم مرة أخرى في هذا الاحتفال باستقلال أمريكا.

فليبارك الله الأردن   وليبارك أمريكا.