كلمة القائم بأعمال السفارة الأمريكية السيدة كارين ساساهارا بمناسبة الاحتفال بعيد الاستقلال الأمريكي

مساء الخير.

أصحاب السمو الملكي،

أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة،

الضيوف الكرام،

الزملاء في السلك الدبلوماسي والزملاء في السفارة،

شركاء وأصدقاء السفارة،

مرحباً بكم. أتشرف الليلة باستضافتكم للاحتفال بعيد مولد أمريكا هنا في الأردن، والمعروف أيضاً باحتفال الرابع من تموز.

أود في البداية أن أشكر جميع الذين عملوا على التحضير لهذا الاحتفال. أشكر إميلي شوماخر على تأدية النشيد الوطني الأمريكي وفرقة باين وود رفت على إنشاد السلام الملكي وعزفهم في هذه الليلة. كما أتقدم بشكر خاص إلى العديد من الجهات الراعية الأردنية والأمريكية الكريمة التي ساهمت في إنجاح هذا الاحتفال أيضاً. أُوجه جزيل الشكر كذلك لمئات الموظفين في السفارة الذين قضوا شهوراً في العمل على التحضير لهذا الاحتفال، وأخص بالذكر لجنة عيد الاستقلال الأمريكي.

كما نحتفل اليوم، إضافة إلى عيد الاستقلال الأمريكي، بعدة مناسبات أخرى. يُصادف هذا العام الذكرى الـ 230 لتأسيس وزارة الخارجية الأمريكية، التي عملت طيلة هذه السنوات على بناء صداقات وشراكات متعددة والمحافظة عليها، ابتداء من أول دبلوماسي أمريكي، بنجامين فرانكلين، الذي مثّل دولتنا في فرنسا إلى قرابة 14,000 موظف ومختص في السلك الدبلوماسي في 258 سفارة وقنصلية أمريكية حول العالم. يُشكل زملائي مصدر إلهام لي، حيث يؤدون وظائفهم بشكل متميز وبروية في أماكن خطرة أو في ظل ظروف صعبة حول العالم.

وإذا كنتم تتساءلون الآن عن سبب وجود مجسم القمر القابل للنفخ هنالك، فذلك لأننا نحتفل أيضاً بالذكرى الخمسين للهبوط على سطح القمر. يتذكر العديد منكم هنا مثلي تاريخ  20 تموز 1969 عندما جلست الجموع لمتابعة شاشة التلفاز بشغف حين أصبح نيل آرمسترونج أول شخص يمشي على سطح القمر. لقد كانت تلك بحق لحظة تاريخية لا تنسى. لقد تطورت السبل الأمريكية لاستكشاف الفضاء منذ تلك اللحظة بشكل كبير، انتقالاً من الصواريخ إلى مكّوكات الفضاء. وفي الحقيقة، كان الراحل الملك حسين بن عبد الله، طيب الله ثراه، من الأوائل الذين تواصلوا مع مركبة فضائية مدارية عبر جهاز اللاسلكي في عام 1983 عندما تحدث إلى رائد الفضاء أوين جاريت حينما وصل مكوك الفضاء كولومبيا فوق عمّان.

ومنذ عام 2014، شارك ما يزيد على اثني عشر طالباً أردنياً وطالبة أردنية في برنامج ناسا للتدريب الدولي في مركز آميس للأبحاث في السيليكون فالي من خلال الشراكة مع مؤسسة ولي العهد، التي تُعدّ الشراكة الأولى من نوعها لناسا مع دولة عربية.

كما نحتفل في عام 2019 بمرور 70 عاماً على العلاقات الأمريكية الأردنية. أسست دولتانا في عام 1949 قاعدة قوية لهذه العلاقات، ونقدر كثيراً القيادة التي يُظهرها الأردن من خلال راعي المسيرة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني بن الحسين المعظم، حفظه الله ورعاه، في دفع عجلة السلام والوسطية في منطقة يغلب عليها الاضطراب. تتسم علاقتنا الثنائية بالصداقة طويلة الأمد، كما أنها علاقة غنية ومتشعبة وقليلة التعقيد. نتفق معاً على معظم الأمور، ونختلف على بعضها الآخر، ولكننا مع ذلك نساند بعضنا البعض. ولذلك فإننا نتطلع إلى السبعين عاماً القادمة لعلاقاتنا مع الأردن.

أُقدّر الترحيب الحار الذي قُوبلت به عند وصولي إلى الأردن لمباشرة مهامي كقائم بأعمال السفارة الأمريكية في شهر آذار. يُعرف عن الأردنيين حسن الضيافة، وها أنا الآن أعرف السبب. أشجع الأمريكيين وأصدقائي وعائلتي على زيارة الأردن، والتعرف إلى حفاوة وكرم الأردنيين بأنفسهم.

أود أن أعترف لكم بشيء. تخطر على بالي دائماً الألعاب النارية والنقانق عندما يذكر أحدهم أمامي عيد الاستقلال الأمريكي. وأعتقد بأن هذه العادة لن تتغير! ولكنني أحاول أيضاً أن أستحضر المعنى الجوهري لعيد الاستقلال. من السهل أن ننسى مضمون هذا العيد، ونذكره على أنه يوم عطلة من العمل للاستمتاع بالشواء مع العائلة، ولكنه ذلك الوقت من العام الذي يتنسى لنا خلاله إغاظة أصدقائنا البريطانيين! أعتذر من السفير البريطاني إدوارد! ولكنني آمل حقاً بأن ما قد فات مات بعد مرور 243 عاماً.  

بعد مغادرة البريطانيين، ماذا حدث؟ بُنيت أمة وازدهرت، وهي مستمرة في النمو والتطور، والسعي لتحقيق احتياجات وطموحات شعبها. ولكن هل حان وقت الراحة؟ أبداً، فبناء أمتنا ومؤسساتنا يتطلب منا بذل الجهد وألا نقف متفرجين، ولكن نأمل ألا نصل إلى مرحلة صدام.

تتضمن ديباجة الدستور الأمريكي عبارة “من أجل بناء اتحاد مثالي”، وقد كان الهدف من هذه الكلمات المساعدة على تحديد الغاية من هذه الوثيقة. شكّلت أمريكا قبل الاستقلال اتحاداً ضعيفاً بين ولاياتها، ولكننا أعددنا الدستور “من أجل بناء اتحاد مثالي”. تعتبر هذه الكلمات الثماني بسيطة جداً، ولكنها قد تبدو بعيدة المنال في بعض الأحيان. لكل دولة ما يقض مضجعها، مثل الهوية الوطنية، أو شكل الحوكمة المطلوب، أو السيادة السياسية، أو اختلاف الأفكار حول كيفية تشكيل اتحاد أقرب للمثالية أو ماهية هذا الاتحاد.

أمريكا هي المكان الذي قد تعتقد بأنك قد عرفت عنه وعن شعبه كل شيء، ولكنه لا ينفك عن إعادة هندسة نفسه في مستوى معين كل 20عاماً تقريباً، فهو السوق الأكبر للأفكار الجديدة، ولكنه مبني في الوقت ذاته على معتقدات راسخة صمدت أمام تيارات أو بدع عابرة.

لقد أُسست دولتنا على أفكار متينة ومستمرة، تُحدد هويتنا بصرف النظر عن المكان الذي أتينا منه، سواء أكنا مولدين في الولايات المتحدة الأمريكية أو خارجها، وهي المُثل التي ما زال الكثير من الأشخاص حول العالم يرغبون بتجربتها، الأمر الذي يظهر جلياً على مدار أكثر من قرنين من الهجرة إليها من أوروبا وآسيا والشرق الأوسط وأفريقيا والنصف الغربي من الكرة الأرضية. شعبنا مستعد دائماً للمساهمة في خدمة بلده ووضع المصلحة العليا قبل المصلحة الشخصية. ويظهر هذا المبدأ مكتوباً على الدولار: “من الكثير واحد”. لا أعتقد بأنه بالإمكان إرسال إنسان إلى القمر إلا إذا تحرك الجميع في الاتجاه ذاته أو آمنوا بقوة الاتحاد، ولا يمكن لأية دولة أن تزدهر في القرن الحادي والعشرين دون حس مشترك بالغاية والمصير.

ولذلك يمكننا القول بأن كل يوم في أمريكا هو عيد استقلال، لأننا أقدم وأطول تجربة اجتماعية على وجه الأرض وأكثرها جرأة، كما أننا ماضون نحو بناء الاتحاد الأمثل.

أتمنى لكم أمسية رائعة وطعاماً شهياً، والاستمتاع بالتحدث إلى أصدقائكم وربما عمل صداقات جديدة.

فليبارك الله الأردن وليبارك الولايات المتحدة الأمريكية.

شكراً لكم.