دعم تمكين المرأة: رؤية أمريكية أردنية مشتركة

أليس جي ويلز سفيرة الولايات المتحدة الأميركية في المملكة الأردنية الهاشمية، 16 آذار 2015

مساء الخير،
أود أن أتقدم بالشكر للدكتور خليف الطراونة- رئيس هذا الصرح العظيم- لقيادته الممتازة للجامعة الأقدم والأكبر في الأردن. وأشكره كذلك على التزامه بتعزيز التفاهم الثنائي من خلال التبادل الثقافي والمشاركة بين أمتينا.

وأود كذلك أن أشكر الميسر الدكتورة عبير الدبابنة، مديرة مركز دراسات المرأة. شكرا لك على دورك المستبصر والعمل المهم والحيوي الذي تؤدونه من خلال المركز- المعهد الأول من نوعه في الشرق الأوسط.

وأخيرا أود أن أرحب بضيوف اليوم- الطلاب والأساتذة من الأقسام والكليات المختلفة، والطلاب من برنامج مدلبيري للتبادل. أهلا بكم جميعا.

يشرفني أن أكون هنا اليوم. وهو امتياز في هذا الوقت تحديدا لأن شهر آذار يعتبر شهر للاحتفال بتاريخ المرأة في الولايات المتحدة. وفيه نحتفل بالدور المميز الذي تلعبه المرأة في كل مجتمع، ندرك أن الكثير من النساء والفتيات ما زلن يواجهن تحديات كبيرة تحول دون التمكين والمساواة التامة.

أود أن أتحدث إليكم اليوم عن نضالنا المشترك لضمان أن تتمكن جميع النساء من تحقيق إمكاناتهن الكاملة واإسهام في بناء عالم أكثر رفاها وعدلا وأمنا. في الولايات المتحدة -كما هو الحال في الأردن- قطعنا شوطاً طويلا وصعبا، غير أن الإنجازات التي شهدناها في العقود الماضية تذكرنا أن التقدم الحقيقي ممكن حتى خلال فترة جيل واحد. إن الولايات المتحدة ملتزمة بقوة بالعمل مع حكومة الأردن لتعزيز التمكين السياسي والاقتصادي للمرأة.

عندما تتمكن المرأة من تحقيق إمكاناتها بشكل كامل تزدهر المجتمعات وتتطور الاقتصادات. فكما قال الرئيس أوباما “أثبتت لنا التجربة أن الأمم تكون أكثر نجاحا كلما كانت النساء فيها أكثر نجاحا.”

والواقع أنه في كل العالم حققنا خطوات مذهلة في التحقق من تمتع جميع الفتيات والنساء بفرصة الاستغلال الكامل لمواهبهن وقدراتهن. فنجد أن النساء في الولايات المتحدة كما في الأردن يشكلن أكثر من نصف طلبة الجامعات، كما ارتقع عدد الإناث اللواتي يدرسن درجة الماجستير والدكتوراه بشكل كبير. وفي الولايات المتحدة وكذلك الأردن نجد نساء يتبوأن مناصب قيادية في عالم السياسة والأعمال أكثر من أي وقت مضى. غير أن هذا التقدم لا زال متعثرا، بل وشديد البطء في بعض المجالات. .

لقد تضاعف عدد النساء في الكونغرس الأمريكي ثلاثة أضعاف خلال الخمس وعشرين سنة الماضية، غير أن التمثيل النسائي لا يرقى للمستوى المطلوب في المناصب الحكوميه العليا. وفي حين أن مشاركة النساء في سوق العمل في الولايات المتحدة قد وصلت لمعدلات لم نكن نتخيلها من قبل، إلا أنهن لا زلن يتقاضين أجورا أقل من التي يتقاضاها الرجال. إننا مؤمنون بأن تمكين المرأة يجعل الولايات المتحدة أكثر قوة وازدهارا، ولذلك نواصل التصدي للمعيقات لكي نتمكن من تجاوز أيه محددات لا زالت موجودة حتى يومنا هذا.

بالفعل، لم يسبق وأن كان هذا النضال أكثر ضرورة وإلحاحا من اليوم. ففي العراق وسوريا تواصل داعش اختطاف واستعباد واغتصاب آلاف النساء والفتيات. هذا وقد اضطهد التنظيم عشرات الآلاف أيضا من النساء في الموصل والرقة وغيرها. إن ما تقوم به داعش من سلب حقوق المرأة في المشاركة بحرية في الاقتصاد والمجتمع، ليحرم هذه المجتمعات من كل ما يمكن أن تسهم به المرأة على الأصعدة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.

الآن هو الوقت ليقف العالم ويتصدى لمثل هذه الرجعية. وفي حين أن داعش تأتي بالاضطهاد والعنف والايديولوجية الرجعية، علينا نحن أن نعزز الفرص والانفتاح. وفي حين أن داعش تخنق المجتمعات ببطء، علينا نحن أن نخلق مجتمعات مزدهرة وآمنة من خلال تمكين النساء والفتيات.

في عام 1995، قالت وزيرة الخارجية السابقة السيدة هيلاري كلنتون في مؤتمر الأمم المتحدة الرابع للمرأة: “أن حقوق الإنسان هي حقوق المرأة، وحقوق المرأة هي حقوق الإنسان”، ونحن اليوم نؤكد على هذه المبادىء ، ونضيف أن تمكين المرأة يكرس الاستقرار والأمن والإزدهار.

2

لا زال أمامنا مشوار طويل قبل أن تتمكن جميع النساء من تحقيق إمكاناتها الكاملة. غير أننا – كلنا- قطعنا فعلا أشواطا طويلة لتحقيق ذلك.

بعد إعلان دولة رئيس الوزراء عبدالله النسور لتعييناته الجديدة مطلع هذا الشهر، أصبحت الحكومة الأردنية تتضمن خمس نساء، ما يعني أن الأردن واحدة من الدول العربية التي لديها أكبر عدد من النساء في الطاقم الوزاري.. ولقد قدمت تهاني الحارة لوزيرة الصناعة والتجارة السيدة مها العلي، ووزيرة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات السيدة مجد شويكة. وإنني أتطلع لرؤية الأردن مستمرا في نموه وتطوره الاقتصادي في ظل قيادتهن.

هذا، وإن وللمرأة أيضا بصماتها في المجالس المنتخبة. حيث نجد اليوم 18 امرأة في مجلس النواب من بينهن ثلاث فزن بمقاعدهن بالتنافس وليس من خلال الكوتا.

وتشكل النساء 36% من أعضاء المجالس البلدية، وهذه نسبة تتعدى بكثير نسبة الكوتا المخصصة والتي تبلغ 25%. تحقق هؤلاء النساء تغييرات إيجابية في مجتمعاتهن، ويستجبن لهموم المواطنين، ويتحققن من تلقي الأسر للخدمات التي تحتاجها. ويعملن أيضا على تطوير مهاراتهن، والتي ستساعد الكثيرات منهن يوما ما في الوصول إلى مناصب أعلىكنائب رئيس البلدية، أو رئيسة بلدية، أو نائب في البرلمان.

لقد برزت النساء الأردنيات كقائدات وملهمات، ليس فقط في جميع مستويات الحكومة، ولكن أيضا في عالم الأعمال والإعلام والمجتمع المدني. إن الأمثلة التي يقدمنها ستبقى مصدر إلهام للجيل القادم.

ففي منتصف التسعينات، سوقت رندة الأيوبي لموادها التعليمية المحوسبة من مستخدمة باصأ مستأجراً كانت تقوده من قرية إلى أخرى. وأصبحت شركتها – روبيكون- اليوم رائدا عالميا في مجال التعليم متعدد الوسائط، ولديها 150 موظفا في عمان، و250 موظفاً في مكاتب في لوس آنجلوس ومانيلا ودبي وزبائن في كافة أنحاء العالم.

وعندما أقدمت لينا هنديلة –وهي خريجة هذه الجامعة- على فتح مصنع شوكولاتة في بدايت التسعينات، ناضلت لتقنع الشركاء المحتملين أن بمقدور المرأة أن تكون رائدة أعمال. وها هي اليوم، تدير مشروعا ناجحا وتترأس جمعية الرواد الشباب التي تعمل على مناصرة الواعدين من رجال وسيدات الأعمال.

عندما تولت جمانة غنيمات القيادة كرئيسة تحرير لجريدة الغد، كانت المرأة الأولى في الأردن وواحدة من أوائل النساء في الشرق الأوسط اللواتي يتولين قيادة واحدة من كبرى الصحف العربية اليومية. ومنذ ذلك الوقت، عملت على توسيع انتشار وتأثير الصحيفة وبرزت كصوت قوي يدافع عن الصحافة المسؤولة والمستقلة.

في عام 2008، عندما ساعدت هديل عبد العزيز في تأسيس مركز العدل للمساعدة القانونية، كان القليلون جدا من الفقراء الأردنيين، والنساء تحديدا، قادرين على الحصول على الخدمات القانونية بشكل كاف ولم تكن لديهم المعرفة الكافية بحقوقهم. أما اليوم، يشغل مركز العدل 25 مكتبا، ويمكن أن تجد محاميه في المحاكم والسجون والمجتمعات في كل المملكة يدافعون عن أؤلئك الذين لم يكن بمقدورهم أن يدفعوا تكاليف المشورة القانونية.

إن كل النساء اللواتي ذكرتهن وكا امرأة في الأردن تجد في جلالة الملكة رانيا قدوة ومثالاً ناصعاً. إن قيادة جلالتها القوية في تطوير التعليم والصحة والمجتمع قد لمس حياة الملايين، ومن بينهم الأكثر حاجة من المواطنين.

والواقع أن تلك القائدات الفاعلات والكثيرات أمثالهن، لا يعملن فقط على فتح الطرق أمام النساء في الأردن، بل ويدعمن كذلك توسيع وتطوير الاقتصاد الأردني، ويحققن رؤية جلالة الملك في الإصلاح وفي المستقبل الديمقراطي.

3

وكذلك الحال في الولايات المتحدة، فتح جيل من القائدات آفاقا جديدة أمام النساء في السياسة وفي الاقتصاد. لقد غيرت القيادة النسائية شكل السياسية الأمريكية محليا ودوليا. فلم يسبق لأي امرأة أن عملت كوزيرة للخارجية الأمريكية قبل مادلين أولبرايت والتي تولت منصبها عام1997، ومنذئذ اثنتين من الثلاث وزراء للخارجية كن نساءا. ولقد زادت مشاركة المرأة في الكونغرس بشكل كبير خلال الجيل الماضي. عندما أدى الوزير كيري اليمين بصفته عضوا في مجلس الشيوخ الأمريكي عام 1985، اندهش أن عدد بناته كان ضعف عدد النساء في مجلس الشيوخ مع العلم أنه كان لديه ابنتين فقط. أما الآن فيقول: “أما وقد أصبح في مجلس الشيوخ 20 امرأة، فإن هذا المجلس قد أضحى أكثر قوة وذكاءا.”

وعلى الرغم من أننا شهدنا تغيرات سريعة في العقود الأخيرة الماضية، إلا أن هذه التحولات تطلبت سنوات من النضال.

لقد امتدح الإعلام عام 1992 واعتبره “عام المرأة ” في السياسة الأمريكية. فذلك كان العام الذي ارتفع فيه عدد النساء في مجلس الشيوخ من إثنين إلى ستة. وهو انتصار قد يبدو بسيطا الآن لكنه في ذلك الوقت بدا إنجازاً هائلاً وازدداد تمثيل النساء بشكل كبير جداً من تلك الفترة.

مالذي تعلمناه من هذا التحول؟

تعلمنا أن بناء القدرات مهم. ففي السبعينات والثمانينات، كسرت النساء الحواجز التي منعتهن يوما من امتهان القانون أو إنشاء المشاريع الاقتصادية، وشحذن مهاراتهن السياسية في مجالس المدارس ولجان المقاطعات. لقد بلغ عدد النساء في المجلس التشريعي أربعة أضعاف ما كان علي في العقدين السابقين قبل 1992. إذا أردنا للمرأة أن تكون ممثلة في أعلى المستويات في الحكومة علينا أن نضمن أن لديها الفرصة لتطوير مهاراتها وخبراتها.

وتعلمنا كذلك أن المجتمع المدني مهم. فالمرشحات اللواتي فزن عام 1992 لم ينجحن بدون مساعدة. فلقد حظين بمستوى غير مسبوق من الدعم من منظمات المجتمع المدني التي تكرست لتدريب المرشحات ودعم حملاتهن وتعزيز إقبال الناخبات.

لقد استقطبت المنظمات غير الحزبية كجمعية النساء الوطنية السياسية المرشحات وجمعت التبرعات لحملاتهن الإنتخابية وأرشدتهن إلى إدارة حملات انتخابية فاعلة. ولا زالت تلك الجمعيات تدعم المرشحات الواعدات حتى يومنا هذا. كذلك عملت المنظمات الحزبية على استقطاب وتدريب المرشحات، كما ساعدت منظمة إيميلي بانتخاب أكثر من 100 عضو ديموقراطي في مجلس النواب الأمريكي و19 عضواً في مجلس الشيوخ.

وختاما تعلمنا أن الدعم من المستويات العليا مهم. فعندما تحظى المرشحات بتشجيع القادة السياسيين في المناصب العليا، فإن عدد المرشحات للمناصب يكون أكبر ويكون نجاحهن أكبر. ويرتفع تمثيل المرأة عندما تبذل الأحزاب السياسية جهودا حقيقية في استقطاب المرشحات وتطويرهن.

وهنا في الأردن، تلتزم السفارة الأمريكية بالشراكة مع الحكومة ومع المجتمع المدني لزيادة فرص المرأة في المشاركة الكاملة والفاعلة في السياسة على جميع المستويات.

فنحن ندعم –على سبيل المثال- التجمع البرلماني النسوي. حيث تلتقي البرلمانيات من مختلف الخلفيات ووجهات النظر ويعملن معا لتبادل الخبرات والنصح. ويعطي التجمع البرلمانيات المنتخبات حديثاً فرصة للتعلم من نظيراتهن الأكثر خبرة حيث يعملن على تحسين التواصل من الناخبين، مناصرة القضايا الرئيسية كالتحقق من أن موازنة الأردن تأخذ بعين الاعتبار احتياجات النساء والفتيات.

4

وكما تحسنت مشاركة المرأة السياسية بشكل كبير في الولايات المتحدة خلال جيل واحد، تحسنت أيضا مشاركة المرأة في سوق العمل. فبين الأعوام 1965 و1995 ارتفعت مشاركة المرأة في سوق العمل من 40 بالمئة لتصل تقريبا إلى 60 بالمئة .أما الآن تمثل النساء أقل بقليل من نصف القوى العاملة الأمريكية.. وتشغل النساء بشكل متزايد مناصب قيادية وإدارية. في عام 1960 كان 15% فقط من المدراء في الولايات المتحدة من النساء، وبحلول 2009 أصبحت نسبتهن تقريبا 40 بالمئة. هذا وقد ارتفع عدد الشركات الأمريكية الي تترأسها مديرات تنفيذيات ستة أضعاف بين عامي 1997 و2009

ولقد وصف الاقتصاديون تدفق النساء هذا إلى سوق العمل الأمريكي “بالثورة الهادئة”، وتبين مدى سرعة التغير الممكن تحقيقه مع وجود القيادة السياسية الملهمة والقطاع الخاص البراجماتي.

في بداية الستينات مررت الحكومة الأمريكية عدداً من القوانين التي حظرت التمييز في التعيين والتوظيف والتعليم. ولقد وقع الرئيس كينيدي قانون الأجور المتساوية الذي يحظر التمييز في دفع الأجور. ووقع الرئيس جونسون قانون الحقوق المدنية والذي يحظر التمييز في التوظيف على أساس الجنس؛ أما الرئيس نيكسون فقد وقع على التعديل الرابع والذي يحظر التمييز على أساس الجنس في التعليم الممول من الحكومة. ولقد منحت هذه القوانين النساء حوافز جديدة وقوية للدخول لسوق العمل من خلال إعطائهن الفرصة لاستكمال تعليمهن وللعمل بشكل متساوِ مع الرجال. لقد منحت تلك التشريعات أداة قوية للنساء لمحاربة التمييز على أساس الجنس في المحاكم الأمريكة والفدرالية. لطالما حافظت المحاكم على القانون وحاسبت الموظفين المخالفين.

وفي هذا الوقت وحيث شهد القطاع الخاص تدفق النساء المؤهلات والناجحات والطموحات أدرك أن تعيين النساء والمحافظة عليهن كان عملاً جيداً. ولقد بين الاقتصاديون أن وجود النساء في مناصب قيادية يحسن فاعلية المنظمة، وأدرك قادة الأعمال أن وجود المرأة في مجالس الإدارة يساعد الشركات على تحقيق أرباح أعلى وعلى إدارة المخاطر بشكل أفضل وتخفيض معدلات الإفلاس.

لقد توصلت الكثير من شركات تكنولوجيا المعلومات في الأردن إلى استنتاج مشابه لهذا مفاده أن تعيين النساء أمر منطقي من الناحية الإقتصادية. حيث عززت السياسات الاقتصادية والمراعية للأسرة مشاركة المرأة الاقتصادية في هذا القطاع حيث وصلت إلى 30%، ومن بين نتائج هذا أن كان قطاع تكنولوجيا المعلومات هو واحد من أكثر القطاعات ديناميكية في الاقتصاد الأردني.

تلتزم السفارة الأمريكية بدعم تقدم النساء في القطاع التكنولوجي أيضاً. وتسافر كل سنة نساء وفتيات أردنيات للولايات المتحدة ضمن برامج تبادل سيدات وفتيات التكنولوجيا والذي يشبك ويدعم الجيل القادم من القائدات الشرق أوسطيات من ميادين مثل البرمجة والروبوتات وبرامج الهواتف النقال وتصميم وبناء المواقع الإلكترونية. وقد أطلقت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية فرعاً محلياً للفتيات في قطاع التكنولوجيا لتدريب ودعم الفتيات الطامحات للعمل في مجال التكنولوجيا.

ويبقى توسيع مشاركة المرأة الاقتصادية نضال في الولايات المتحدة وفي الأردن أيضاً. فلا زال تمثيل المرأة الأمريكية غير كاف كمديرات تنفيذيات أو في مجالس الأمناء أو كشريكات في شركات القانون أو كعميدات في الجامعات. ولازالت الفجوة في الأجور قائمة حيث تكسب النساء 77 سنتاً مقابل كل دولار يكسبه الرجال. وتشكل النساء الأمريكيات 25% فقط من العاملين في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.

إن هذه الفجوات مهمة ليس فقط لأن النساء والفتيات يستحقن الفرص المتساوية التي يتمتع بها الأولاد والرجال، ولكن أيضاً لأن مشاركة النساء الاقتصادية ترفع اقتصادات كاملة. ويقدر الاقتصاديون أن إجمالي الناتج المحلي الأمريكي ارتفع نحو 2 تريليون دولار بفضل دخول الكثير من النساء إلى سوق العمل خلال الخمس وأربعين سنة الماضية.

ببساطة عندما تعمل النساء ينمو الإقتصاد. والواقع أن الاقتصاديين يقدرون بأنه لو تمكنا من إغلاق الفجوة بين توظيف النساء والرجال في الولايات المتحدة فسوف يزيد إجمالي الناتج المحلي بنسبة 9%. وهنا في الأردن حيث نجد فقط 16% من النساء في قطاع العمل سيكون أثر إدخال المزيد من النساء إلى سوق العمل مدهشاً.

5

لازال أمامنا مشوار طويل ولازال هذا النضال مهماً كما كان دائماً.

إن هذه المسألة مهمة ليس فقط من أجل حقوق المرأة وحقوق الإنسان ولكن أيضاً لأن تمكين المرأة يعزز الاستقرار والنمو والتنمية.

وعندما أقول تمكين لا أقصد بذلك فقط ضمان دخول المرأة سوق العمل أو البرلمان. بل أقصد توسيع الفرص وضمان أن يكون صوت النساء مسموعاً. وكما قال الرئيس أوباما في القاهرة عام 2009 “أنا لا أعتقد أنه ينبغي على النساء أن يتخذن نفس الخيارات التي يأخذها الرجال لكي يكنّ متساويات، وأنا أحترم النساء التي تختار أن تعيش حياتها ضمن الأدوار التقليدية لكن ينبغي أن يكون هذا هو اختيارها”.

وسواء كن يعملن خارج المنزل أو لا ، تطالب النساء بإنشاء مدارس أفضل لأطفالهن. ويطالبن برعاية صحية أفضل لأنفسهن ولأأسرهن. وتنادي النساء بتوفير أحياء آمنة وخالية من العنف. وعندما تكون المرأة متعلمة ومتمتعة بصحة جيدة فعلى الغالب سيكون أطفالها متعلمين ومتمتعين بصحة جيدة. عندما تحظى المرأة بالتمكين يكون لديها المزيد من القدرات والموارد التي تمكّنها من المطالبة بمستقبل أفضل لأسرتها.

وأخيراً إن تمكين المرأة يعزز السلام والاستقرار، وهو أمر ضروري في عالمنا اليوم الذي يزداد اضطراباً. إن المرأة بصفتها شخصية عميقة التأثير في أسرتها ومجتمعها قادرة على لعب دور أساسي في جهود مكافحة التطرف والعنف. . إن المرأة التي يتم تمكينها هي لحليف لا يمكن الاستغناء عنه في المعركة الأيديولوجية ضد داعش.

6

من أجل هذا كله فإن تعزيز تمكين المرأة هو مشروعنا المشترك.

في شهر أيلول 2012 انضم الأردن إلى الولايات المتحدة لشراكة المستقبل المتساوي كعضو مؤسس، وهو جهد دولي لمكافحة المعيقات التي تحول دون مشاركة المرأة السياسية والاقتصادية. ومن خلال هذه المبادرة التزمت كل دولة مشاركة بإدخال تغييرات حقيقية لصالح النساء والفتيات فيها.

وقد قدمت الولايات المتحدة التزامات نقوم بتنفيذها في بلدنا مثل زيادة الفرص للفتيات والشابات لدراسة العلوم وأيضاً تقديم مساعدة أفضل لضحايا العنف الأسري.

والتزم الأردن كذلك بزيادة مشاركة المرأة السياسية في القضاء والبرلمان والحكومة وغيرها من المجالس المعينة. والتزم أيضاً بمراجعة قانون العمل وغيرها من التشريعات لتشجيع مشاركة نسوية أكبر في الاقتصاد.

وللحكومة الأردنية رؤية طموحة لتحسين مكانة المرأة. ونحن نتطلع لرؤية تنفيذ الحكومة لخطة عمل شراكة المستقبل المتساوي والتي سوف تحمّل الجميع مسؤولية تحقيق هذه الأهداف.

وتلعب الحكومات دوراً مهماً في دعم المساواة الجندرية. فعلى سبيل المثال كان إنشاء اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة خطوة مهمة في تكريس حقوق المرأة. ومن المهم أن تحظى هذه اللجنة بالموارد الكافية حتى تتمكن من تحقيق أهدافها.

ويمكن للحكومة الأردنية أيضاً أن ترسل رسالة قوية حول أهمية المرأة من خلال متابعة التزاماتها العلنية وتعيين نساء يعتبرن أمثلة يحتذى بها. وفي حين أن التعيينات الأخيرة لثلاث نساء فقط كأعضاء في مجالس أمناء الجامعات الحكومية كان مخيباً للآمال إلا أننا نتطلع لرؤية تعيين المزيد منهن في المستقبل. ونحن نثني على تعيين الحكومة لرقم قياسي من خمس وزيرات في الحكومة الجديدة ونرحب بفرصة العمل معهن.

ومن المشجع أن نرى منظمات مثل معهد تضامن النساء واللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة يتحدثون بصوت عال وكثيراً من تكون صوتاً لضحايا العنف المبني على النوع الاجتماعي، ونأمل أن الموجة الكبيرة المناهضة للمادة 308 من قانون العقوبات ستؤدي إلى إلغائه بحيث لا تجبر ضحية الاغتصاب بعد الآن على الزواج من مغتصبها.

تلتزم السفارة الأمريكية بدعم جهود حكومة الأردن لتحسين وضع المرأة. وقد أطلقت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية برنامج تكامل والذي سوف يعمل خلال السنوات القادمة بالشراكة مع الحكومة والمجتمع المدني هنا في الأردن على إصلاح السياسات وتوسيع الوصول للخدمات التي تركز على المرأة وتشجيع المشاركة الاقتصادية للمرأة.

وتنخرط الولايات المتحدة والأردن في نضال مشترك وهو تحسين تمكين المرأة. إن من شأن الالتزامات المشتركة مثل شراكة المستقبل المتساوي أن تدفعنا إلى الأمام. على الرغم من أن التقدم في تحقيق هذه الالتزامات قد لا يكون بالسرعة التي نتمنى، إلا أن الإعلان عن أهدافنا وتقييم التقدم المحرز يحمّلنا المسؤولية. فهذا يجبرنا على الإجابة عن السؤال التالي: إلى أي حد نحن عازمون على إحراز التغيير. نحن فخورون بالوقوف مع الأردن كشركاء لتحسين المساواة الجندرية.

7

على كل بلد بل وكل مجتمع أن يجد طريقته في تطوير تمكين المرأة. ولكننا نشترك بالهدف نفسه: التحقق من تمتع الفتيات والنساء بالحقوق والفرص للمشاركة بأقصى إمكاناتهن.. وكما قال الوزير كيري: “لا يمكن لأي بلد أن تتقدم إذا تركت نصف شعبها وراءها”.

إن تعزيز قوة المرأة يكرس الازدهار والنمو وهو ضروري أيضاً للسلام والاستقرار. فالنساء هن الأكثر معاناة في النزاع المسلح. إن مشاركة المرأة في الوصول إلى حل يبني الأساس لسلام أكثر استقراراً وديمومة.

إننا نقاتل داعش على ساحة المعركة في العراق وسوريا ولكننا أيضاً نقاتلها على ساحة الأفكار. إن أعمال داعش من اختطاف للنساء والفتيات واستعبادهن واغتصابهن يعتبر انتهاكاًصارخاً لحقوق الانسان الأساسية وتعكس أيضاً رفض التنظيم المطلق لمبدأ وجوب احترام وسماع أصوات وخيارات جميع الفتيات والنساء.

إن المرأة لاعب أساسي في المعركة ضد التطرف والعنف: إن مشاركتهن في سوق العمل يقوي الاقتصاد وتعززمشاركتها السياسية الشرعية، ومن خلال الأدوار الفاعلة التي تلعبها في الأسرة والمجتمع تعلم النساء شبابنا على التفكير بشكل ناقد ونبذ أيديولوجية التطرف.

وكما قالت جلالة الملكة رانيا: لم يكن هنالك وقت أفضل للفتيات لأن يقفن ويشاركن من الوقت الحالي حيث تتبدل وتستقر الأنظمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في المنطقة.. أيتها الفتيات لم يكن المجتمع بحاجة لكنّ أكثر من اليوم.

وأنا أتطلع لمتابعة هذه الرحلة معكم حيث تعمل الولايات المتحدة والأردن يداً بيد لكي نجد طريقنا ونواجه التحديات ونخلق مجتمعات أكثر ازدهاراً وعدلاً وحرية.

شكراً لوقتكم وأنا أتطلع لاستقبال أسئلتكم.