اليس ويلز, سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية لدى المملكة الأردنية الهاشمية
26 نيسان 2016
مركز كولومبيا لأبحاث الشرق الأوسط
أشكرك صفوان على هذه المقدمة اللطيفة وعلى فرصة التحدث إلى جمهور متنوع يشمل العديد من الشخصيات المعروفة في مركز كولومبيا لأبحاث الشرق الأوسط. كما أشكرك وفريقك في المركز جزيل الشكر لتسليط الضوء على أهمية الشراكة العالمية من خلال التبادلات والبحوث الدولية. أتطلع إلى التحدث معكم اليوم حول موضوع تتطرق إليه العديد من المقالات التحليلية لخبراء متخصصين بالإضافة إلى القصص الإخبارية وهو: هل ما زالت الولايات المتحدة ملتزمة بدورها القيادي في الشرق الأوسط؟
هناك العديد من الأسباب المختلفة التي تدفع المفكرين بعمق إلى طرح هذا السؤال، حيث يُشيرون إلى استقلال الولايات المتحدة الأمريكية المتنامي من حيث الطاقة، وإلى ما يُدعى بـ “التحول الاستراتيجي نحو القارة الآسيوية”، وإلى ضعف الارتباط الأمريكي المزعوم مع المنطقة بعد الالتزامات العسكرية والمالية الهائلة في العراق وأفغانستان. كما أنهم يشككون بالطبع فيما إذا غيرت التحركات الديناميكية المعقدة التي أطلقها الربيع العربي قبل خمس سنوات الحسابات الأمريكية.
دعوني أتحدث بوضوح. لقد تطلب العالم المتغير من الولايات المتحدة الأمريكية التكيّف مع الظروف، ولكن لا ينبغي تفسير التغير التدريجي في مدى إنخراطنا في المنطقة على أنه تضاؤل في هذا الإنخراط. قال بنجامن فرانكلن، وهو أحد أعظم المؤسسين المتميزين وأول دبلوماسي أمريكي، في إحدى المرات: “عندما تتوقف عن إحداث التغيير فإنك بذلك قد انتهيت”. يتغير العالم في الحقيقة بسرعة البرق، سواء أكان ذلك في جانب العلوم أو التكنولوجيا أو عالم الأعمال أو الشؤون الدولية.
يقتضي التغيير التعلم من الماضي والنمو والتطور والتكيف مع الظروف الجديدة، ولذلك فإنه من الطبيعي أن تختلف طبيعة انخراط الولايات المتحدة في المنطقة في بداية الألفية الثانية عما كانت عليه في التسعينيات، بالإضافة إلى اختلاف هذا الانخراط في عام 2016 مقارنة بما كان عليه في عام 2006.
وأود هنا أن أتحدث إليكم حول طبيعة انخراط الولايات المتحدة في الشرق الأوسط في الوقت الحالي، وأؤكد لكم بأن انسحابنا من هذه المنطقة متعارض بشكل مباشر وكبير مع اهتمامات وقيم بلدنا. تؤثر الأحداث في الشرق الأوسط على التصورات العامة في كل جزء في هذا العالم، حيث تشكل التقاليد الروحية والأخلاقية المتجذرة في هذه الأراضي العريقة في قدمها أساس الأديان والأفكار التي يعتنقها مئات الملايين من الأشخاص في كل قارة. ولقد خبرنا جميعاً مرات عديدة كيف تصبح التهديدات الإقليمية تهديدات عالمية بسرعة، كما شهدنا مرات عديدة كيف يمكن لأفكار الإرهابين في الرقة والموصل أن تصل إلى عقول سريعة التأثر بها في كاليفورنيا وماستشوسيتس.
ولكن التزامنا يتعدى محاربة التهديدات وحسب، فهو يعني استدامة شراكات هادفة مع المنطقة، فالشرق الأوسط هو موطن لبعض من الدول الصديقة لأمريكا منذ القدم. كانت المغرب إحدى أولى الدول التي اعترفت بالجمهورية الجديدة للولايات المتحدة في عام 1777، كما أن علاقتنا مع الأردن الآن تجاوزت الستة وخمسين عاماً من الشراكة بين البلدين. لقد نصحنا بنجامين فرانكلين بالتغير بشكل مستمر إلا أنه نبّهنا كذلك لـكي”نتأنى في اختيار أصدقائنا ونتأنى بشكل أكبر في التغير”. من المهم أن تتغير الولايات المتحدة وأصدقاؤها وحلفاؤها في المنطقة ويتكيفوا مع المستجدات، ولكن علينا القيام بذلك معاً، هذا وتستمر الولايات المتحدة في هذا العالم دائم التغير في وقوفها إلى جانب أصدقائها وحلفائها.
نحن نُعوّل على أصدقائنا في المنطقة وخاصة الأردن عوضاً عن الانسحاب منها. قد لا تكون “الصداقة” كلمة تترد في الغالب في أواسط الدبلوماسية الدولية، ولكنني أعتقد بأنها أفضل كلمة لوصف العلاقة الخاصة بين الولايت المتحدة والأردن. تعود صداقتنا إلى الماضي البعيد، حيث تمتع الأردن بصداقات قريبة مع رؤساء الولايات المتحدة منذ إدارة الرئيس آزنهاور. ولقد أظهر كل من جلالة المغفور له الملك حسين طيب الله ثراه وجلالة الملك عبد الله الثاني المعظم مواقف ثابتة في تعزيز هذه الروابط التي تستمر إلى يومنا هذا مع الرئيس باراك أوباما وإدارته. لقد أجرى جلالة الملك خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام مباحثات مع الرئيس، واستضاف نائب الرئيس لاستكمال الحوار الاستراتيجي، كما زار واشنطن مرة أخرى لحضور قمة الأمن النووي الرابعة حيث كان للأردن دور قيادي فيها.
يزور أعضاء من كلا المجلسين النواب والشيوخ الأردن بشكل متكرر كدلالة على أهمية العلاقة بين البدلين، كما أن جلالة الملك عبد الله الثاني كان من بين القادة الأجانب القلة الذين تحدثوا أمام جلسة مشتركة للكنونغرس. ولقد زار أكثر من 200 عضو وموظف كونغرس عمان خلال العام الماضي عمان، وكان من بينهم رؤساء مجلس النواب جون بينر وبول راين بالإضافة إلى زيارة قائد الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونل الأردن مرتين .
لقد استندت صداقتنا على أهداف مشتركة واحترام متبادل منذ بناء العلاقات الدبلوماسية بين البلدين منذ أكثر من ستة عقود مضت. نُقدر الدور القيادي الخاص الذي تؤديه الأردن في دفع عجلة السلام والاعتدال في المنطقة، كما أننا نتشارك أهداف تحقيق السلام المستدام في الشرق الأوسط، وإيجاد حل للحرب المأساوية التي حلّت بسوريا، وإنهاء التطرف العنيف الذي يهدد أمن العالم أجمع. كما تتجذر صداقتنا كذلك في قيمنا المشتركة، حيث نؤمن بأن الجميع يستحق فرص متساوية لإيجاد حياة أفضل لأنفسهم وأطفالهم، كما نؤمن بأن كرامة الإنسان وفضيلة التسامح تستحقان الاحترام.
لقد دعمت الولايات المتحدة الأردن كصديق لها في الماضي، كما ستستمر في دعم هذا الصديق في المستقبل سواء أكنا نتحدث عن المساعدات الثنائية أو الاستثمار الأمريكي أو التعاون العسكري. لقد قدمت الولايات المتحدة أكثر من 15 مليار دولار على شكل مساعدات اقتصادية للإردن منذ نشأته، كما وقّعنا العام الماضي مذكرة تفاهم لتقديم مليار دولار سنوياً على مدار ثلاثة أعوام للأردن، وخصصنا في موازنتنا لعام 2016 أكثر من ذلك بإجمالي يبلغ قرابة 1.6 مليار دولار. وبهذا تساعد حكومة الولايات المتحدة وشعبها الأردن على التأقلم مع حالة عدم الاستقرار في دول الجوار وتحمل عبء استضافة 640,000 لاجئ سوري مسجل، كما أننا قدمنا للأردن أكثر من 730 مليون دولار للمساعدات الإنسانية المقدمة للاجئين منذ بداية الأزمة السورية.
ولقد حسنت اتفاقية التجارة الحرة التي وقعناها في عام 2000 التجارة بين البلدين، حيث سجلت زيادة قياسية في عام 2014 بمقدارٍ فاق ثمانية أضعاف التجارة بين البلدين مقارنة بأي وقت مضى، حيث بلغت 3.4 مليار دولار في تلك الفترة. كما تنظر الشركات الأمريكية للأردن على أنها سوق مهمة ونقطة انطلاق للمنتجات والخدمات الأمريكية، ويتجاوز الاستثمار الأمريكي هنا الآن 2.2 مليار دولار متضمناً الاستثمارات المهمة في قطاعات الطاقة والزراعة والبضائع الاستهلاكية.
ولكن لا تتجسد صداقتنا في الجانب الاقتصادي وحسب بل تمتد إلى العمل مع الحكومة الأردنية والقوات الأمنية لحماية الشعب الأردني ممن قد يرغبون بإلحاق الأذى بهم. لقد دعمت الولايات المتحدة الجهود الأمنية للأردن منذ أواخر الستينيات، ويتلقى الأردن اليوم واحداً من أكبر قيم التمويل العسكري الأجنبي الذي تقدمة الولايات المتحدة لأي دولة في العالم. لقد عملنا معاً مع القوات المسحلة الأردنية لمواجهة التهديدات في المنطقة، الأمر الذي يتضح جلياً في محاربتنا لتنظيم داعش. تقوم قوات سلاح الجو الملكي الأردني ببعض من أكثرالمهمات الجوية تعقيداً منذ اليوم الأول لطيران التحالف كجزء من الضربات التي تنفذها الدول المتعددة المشاركة فيه. فلقد ساعدت على إعادة التقدم الذي حققه داعش إلى الوراء من خلال أربعمئة طلعة جوية تقريباً نفدتها. ويمكن للأردن الشعور بالأمان حين يعلم بتحليق القوات الجوية ليلاً نهاراً لحماية شعب هذا البلد وحدوده.
كما قد ساعدت الولايات المتحدة الأردن على حماية حدوده، حيث استثمرت في مشروع للحدود بلغت قيمته 188 مليون دولار لمنع المتطرفين من عبور الحدود، وقد سرّعت الولايات المتحدة عملية تسليم مئات الذخائر إلى قوات سلاح الجوي الأردني لتستمر في ضرباتها الجوية ضد داعش. كما نستمر في العمل عن كثب لتقديم المعدات والمساعدات الأخرى للأردن على وجه السرعة بما في ذلك الأسحلة الصغيرة والذخائر وقطع احتياط الطائرات وأجهزة الرؤية الليلية والمعدات الأساسية التي تحتاجها الجهود العسكرية لمحاربة داعش.
كما أننا نتطلع مع الأردن قُدماً لحماية الطريق بين عمان وبغداد وإعادة فتحها، حيث تعتبر طريقاً تجارياً حيوياً للحياة الاقتصادية في المملكة. تُعتبر مسألة عودة الشاحنات الأردنية لنقل البضائع المحلية كصادرات إلى الأسواق العراقية خطوة مهمة في إستعادة حيوية الاقتصاد الأردني. وتقف الولايات المتحدة جنباً إلى جنب مع الأردن لمواجهة التحديات الإقليمية بشكل مباشر.
لا توجد علاقة ثنائية كاملة بالطبع دون توسيع العلاقات بين شعبينا. ولهذا تدعم السفارة الأمريكية حوالي 17 برنامج تبادل مهني وأكاديمي لأكثر من 400 أردني وأمريكي كل عام. لقد زادت إصدارات التأشيرات خلال الخمسة أعوام الماضية بمقدار 250%، ويزيد عدد الطلاب الأردنيين الذين يدرسون في الولايات المتحدة على 2200 طالب وطالبة. تعود برامج التبادل بالفائدة على كلا الشعبين وتبني جسوراً من التفاهم والروابط الشخصية والفرص الاقتصادية.
قد تقولون لأنفسكم بأن الأردن حالة خاصة، وأين هي الولايات المتحدة من بقية دول المنطقة؟ أقول لكم بأن الولايات المتحدة ملتزمة كذلك مع حلفائها في المنطقة كما كانت دائماً نظراً لشراكاتنا طويلة الأمد ومصالحنا الخاصة أيضاً. وتبقى الشراكة بين الولايات المتحدة والخليج، على سبيل المثال، التي تعود لأكثرمن سبعة عقود من التعاون المتواصل حيوية وقوية.
كما أن التزاماتنا الأمنية في الخليج في يومنا هذا مكثفة بشكل أكبر مما كانت عليه في أي وقت مضى، حيث يتواجد ما يزيد على 35,000 من القوات الأرضية والجوية والبحرية الأمريكية في أكثر من اثنتا عشرة قاعدة في الخليج وما حولها. كما أننا أرسلنا أكثر أنظمتنا تطوراً إلى المنطقة إضافة إلى برامجنا التدريبية والتنسيقية القوية، حيث أرسلنا طائرات حديثة الطراز وذخائر، وأصولاً تتعلق بالمخابرات والمراقبة والاستطلاع، وأنظمة الدروع الصاروخية.
نتشارك مع شركائنا في الخليج أعباء البحث عن السبل الممكنة للنجاح في منطقة تواجه تغيراً يحبس الأنفاس، إلا أننا قد لا نتفق دائماً، فقد تجد بين الأصدقاء اختلافات حقيقة، ولكن المهم هنا أننا نتعامل مع الجوانب المثيرة للقلق بصراحة وصدق. أعرب الرئيس باراك أوباما خلال قمة كامب ديفيد المنعقدة في شهر أيار لعام 2015 مع قادة الخليج عن التزامه بشراكة استراتيجية جديدة لتعزيز التعاون الأمني.
وتستمر هذه الشراكة في النمو. فلقد أكد الرئيس أوباما خلال قمة قادة مجلس التعاون الخليجي الأسبوع الماضي على التزام الولايات المتحدة بـ “استخدام جميع عناصر قوتنا لتأمين مصالحنا الرئيسية في الخليج وردع ومواجهة الاعتداء الخارجي ضد حلفائنا وشركائنا”. نتوسع في الوقت الحاضر في مجال التدريبات والمساعدات العسكرية التي نقدمها للتعامل مع جملة التهديدات كاملة، بالإضافة إلى تقديم المزيد من التدريب والتعاون بين قواتنا للعمليات الخاصة، وتبادل المعلومات على نطاق أوسع، وتعزيز أمن الحدود لمنع تدفق المقاتلين الأجانب. ونعمل مع شراكائنا في الخليج على تحسين قدراتهم لحماية أنفسهم من خلال تنظيم وتسريع نقل الإمكانات الدفاعية المهمة إليهم. كما أننا نقف معاً لدعم المحادثات المتعلقة بوقف إطلاق النار في اليمن، وتعزيز حكومة الوفاق الوطني ، وتكثيف حملة التحالف ضد داعش.
التقى الوزير جون كيري في وقت مبكر من هذا الشهر بقادة مجلس التعاون الخليجي في المنامة، واتفقوا على البدء في النظر بمفهوم جديد وهو الشراكة بين مجلس التعاون الخليجي وحلف الناتو، كما اتفقوا، في ضوء التغير العالمي في أسعار النفط، على إضافة مكون رئيسي جديد إلى الحوارات رفيعة المستوى وهو التحول الاقتصادي. لقد استثمرت الشركات الأمريكية في التطور الاقتصادي لدول الخليج على مدى عقود في جميع القطاعات الاقتصادية من قطاع تكنولوجيا المعلومات إلى الملاحة والطاقة.
كما تلقى العديد من المواطنين في دول الخليج تعليمهم في جميع أنحاء الولايات المتحدة من بوسطن إلى بويسي. ويكمن بيت القصيد هنا في بقاء الخليج مركزاً رئيسياً لمصالح أمريكا القومية، وبقاء الشراكة مع الولايات المتحدة محوراً رئيسياً للمصالح القومية لدول الخليج.
قد يُشكك البعض في هذا الوضع في الوقت الذي تزداد فيه استقالية أمريكا من حيث الطاقة. ولكن الجواب على ذلك واضح وهو أنه لا يمكن لأي دولة في عالمنا الحالي الذي تزداد فيه الاستقلالية أن تعيش بمفردها. لا يعني ازدياد استقلالية أمريكا من حيث الطاقة انفصال الولايات المتحدة عن سوق الطاقة العالمي، فارتفاع أسعار النفط في مكان ما يعني ارتفاع أسعار النفط في كل مكان، الأمر الذي يعني زيادة أسعار العديد من البضائع والخدمات، حيث لا يمكن لنا أو لحلفائنا الهروب من أثر حدوث ذلك.
كما أننا نحتاج إلى حلفائنا كما يحتاجون إلينا في الوقت الحالي كما كنا على الدوام. وبالرغم من اعتبار البعض لمفهوم “إعادة التوازن إلى القارة الآسيوية” بمثابة النأي عن الشرق الأوسط إلا أن العكس هو الصحيح، حيث للولايات المتحدة والشرق الأوسط مصلحة متزايدة في استقرار وازدهار منطقة آسيا والمحيط الهادي التي تعتبر الجزء الأكثر حيوية في الاقتصاد العالمي.
ذكرت سابقاً بأن انخراطنا في المنطقة اليوم مختلف عما كان عليه قبل خمسة أو عشر أعوام مضت، وأود إخباركم هنا بأن الخاصية الرئيسية للإنخراط الأمريكي في المنطقة اليوم هو الجهود الدبلوماسية المتواصلة، وأما الرأي القائل بأن الولايات المتحدة تتحرر من انخراطها في المنطقة فهو مستند على انقسام خاطئ في وجهات النظر بين التوجه نحو تدخل عسكري هائل أو انسحاب بالكامل من دور الولايات المتحدة القيادي في المنطقة، حيث يعتبر هذا المنظور خاطئاً. لا يمكن إيجاد حل لمشكلة رئيسية أو إيجاد حل رئيسي لأي مسألة دون اعتبار الدبلوماسية في صلب هذه الجهود. تشترك الولايات المتحدة بشكل كبير في كل مبادرة رئيسية لحل النزاع وإيجاد الأمن وتحسين الازدهار في المنطقة.
كما أن البعض ينتقد التزامنا تجاه الدبلوماسية من حيث بذلنا الكثير من الجهود لمحاولة حل النزاعات التي تبدو مستعصية. ولكن النزاعات والحروب لا تنتهي من تلقاء ذاتها، كما أن التقدم والإرتقاء في المجالات المختلفة لا يأتي من فراغ، ولا تكتب الاتفاقيات نفسها بنفسها، حيث يتطلب ذلك توفر عنصر الدبلوماسية، أي الاستعداد للتحدث مع الآخرين، والتحاور في بعض الأحيان مع أشخاص تتعارض قيمهم مع قيمك الخاص بشكل كامل.
وأشير هنا إلى ما قاله الرئيس جون كندي: “دعونا لا نتفاوض من منطلق خوفنا ولكن دعونا ]في الوقت نفسه[ لا نخاف التفاوض”. لقد شهدنا نتائج الدبلوماسية الحازمة ليس في المنطقة وحسب بل في العالم أجمع، حيث شهدنا الانتقال الديمقراطي التاريخي في أفغانستان، وإزالة الأسلحة الكيماوية من سوريا، و الاتفاقية النووية الإيرانية، ورجوع الأمريكيين المحتجزين إلى بلدهم، واتفاق باريس حول التغير المناخي، وإعادة بناء العلاقات الدبلوماسية مع كوبا، ووقف الأعمال العدائية في الحرب الأهلية في سوريا. وتمثل هذه الأمثلة دبلوماسية قوية ناجحة قائمة على مبادئ محددة.
نستهين بالتحديات التي تواجهها المنطقة اليوم إذا ما وصفناها بالمرعبة فقط، ولذلك ينبغي علينا التعامل معها بشيء من التواضع والتعاون. نعلم بأنه لا يمكننا حل جميع المشكلات في العالم، كما أننا على يقين بأنه لا يمكننا إيجاد الحلول لها بمفردنا. ولكننا مع إدراكنا بأننا لا نمتلك جميع الإجابات إلا أننا نستغل قدرة أمريكا المتميزة على التعبئة ضد التهديدات العامة وقيادة المجتمع الدولي للتعامل معها. كما أننا سوف نستمر في الارتقاء بمصالح أمريكا الحيوية وننعم بقيمنا في ظل الدبلوماسية والحوار والعمل مع حلفائنا. ويعتبر الإدعاء الذي يُفيد بانسحابنا من المنطقة بمثابة تجاهل لكل ما نقوم به في المنطقة.
لا يوجد مجال يُظهر انخراط الولايات المتحدة الدبلوماسي بشكل جلي في يومنا هذا أفضل من جهودنا المبذولة لإنهاء الحرب الأهلية الدموية في سوريا. وكما قال الوزير جون كيري واصفاً التحدي الذي نواجهه بأنه ” لا يقل عن رسم طريق للخروج من الحجيم”. علينا تكثيف جهودنا الدبلوماسية لإنهاء الحرب الأهلية في سوريا في الوقت الذي نُصعّد فيه من وتيرة حملتنا لمحاربة داعش لتحقيق ذلك الهدف. وتعتبر هاتين الخطوتين معززتين لبعضهما البعض، حيث لا يوجد شيء أفضل من انتقال سياسي يتضمن رحيل الأسد لمآزرة القتال ضد داعش.
لقد جمعنا في أواخر العام الماضي جميع الدول المعنية بالصعيد السوري، بما فيها روسيا وإيران، على طاولة واحدة ضمن مظلة المجموعة الدولية لدعم سوريا، حيث كان ذلك الاجتماع الأول لها منذ بداية الصراع. وهدف هذا اللقاء إلى أخذ خطوات نشطة للتوصل إلى حل دبلوماسي لإنهاء هذا الصراع. وكانت هذه أكثر المبادرات السياسية المشجعة للتوصل إلى حل في سوريا خلال السنوات الماضية، ونحن نُتابعها بأقصى ما نمتلك من عزيمة.
لقد مكّنتنا العملية الدبلوماسية التي أطلقتها المجموعة الدولية لدعم سوريا من المضي قدماً في جانبين حرجين. أول هذه الجوانب هو تمكننا من استدامة وقف الأعمال العدائية في سوريا لمدة شهرين تقريباً إلى الآن بالرغم من الاحتمالية المنخفضة لذلك ومعظم التوقعات التي لم ترى حدوث هذا الأمر ممكناً. وبالرغم من الانتهاكات الكبيرة التي حدثت وما زالت تحدث إلا أننا ندرك بأن وقف الأعمال العدائية هذا قد نتج عنه خفض وتيرة العنف إلى حد كبير بمقدار يصل إلى 80- 90%.
تهدد الانتهاكات المتكررة لنظام الأسد ودعم هذه القوى راحة الشعب السوري التي يصعب الحصول عليها والتي يحتاج إليها بشكل كبير، الأمر الذي دفع الرئيس أوباما إلى حث جميع المقاتلين على إعادة الاتفاق على ما كان عليه. أفتخر بقولي بأن لدينا فريقاً في عمان وآخر في جنيف لإعداد تقارير حول هذه الانتهاكات والسعي لإيجاد حلول لها. وقد أصبح السوريون الآن يعيشون حياتهم اليومية بشكل لم يجرؤا عليه قبل شهرين بفضل وقف الأعمال العدائية في سوريا. يستحق جميع السوريون هذه الفرصة، وما وقف هذه الأعمال إلا إحدى الطرق لمنحها لهم.
وأما الجانب الحرج الثاني الذي أحرزنا فيه تقدماً فهو وصول المساعدات الإنسانية إلى سوريا. لقد جعلت جهودنا الدبلوماسية من مسألة توصيل المساعدات الإنسانية الطارئة إلى المجتمعات التي لم تتلقى مساعدات خلال عدة سنوات في الداخل السوري أمراً ممكناً. فلقد أوصلت أكثر من 600 شاحنة مساعدات لما يزيد على 560,000 شخص في ثلاث وعشرين منطقة يصعب الوصول إليها منذ أن حثّت المجموعة الدولية لدعم سوريا في شباط الماضي على تسريع وصول المساعدات الإنسانية الطارئة إلى المناطق المحاصرة. ولكن بالرغم من هذا التقدم المنجز إلا أننا نبقى متخوفين إلى حد كبير مما يقوم به نظام الأسد من إزالة اللوازم الطبية الضرورية جداً وخاصة أدوات الجراحة التي تُمثل فعلياً مسألة حياة أو موت للأشخاص في هذه المناطق. وسنستمر في العمل عن كثب مع الأمم المتحدة للتأكد من وصول المساعدات في المستقبل وتوفر المساعدات الإنسانية في الغوطة الشرقية وداريا ودير الزور على وجه التحديد وجميع المناطق الأخرى كذلك.
وأقول في النهاية بأن جهودنا الدبلوماسية قد أدت إلى تجديد المفاوضات بين المعارضة السورية والنظام السوري للمرة الأولى خلال عامين. ونعلم بأنه بالرغم من انخفاض وتيرة العنف وازدياد المساعدات الإنسانية بأن السلام الدائم لن يكون ممكناً دون التوصل إلى حل سياسي حقيقي. ونهدف من جانبنا إلى تسهيل الانتقال الذي صرحت جميع الأطراف بدعمه وهو إيجاد سوريا موحدة تخلو من الطائفية، وقادرة على اختيار قيادتها بنفسها في المستقبل من خلال انتخابات تُشرف عليها الأمم المتحدة بموجب أعلى معايير القانون الدولي في جو من الشفافية والمساءلة الكاملة، وبمشاركة من الشتات السوري في الخارج.
و لقد أعلن أقوى الداعمين لنظام الأسد وهم إيران وروسيا للمرة الأولى عن دعمهم لمنهجية تنص على وجوب انتقال سياسي، وبأنه يجب علينا المضي قدماً نحو انتجابات رئاسية. لا أعدكم بأننا سننجح، ولكنني أعدكم بأننا سنبذل كل ما بوسعنا لتشجيع جميع الأطراف على اتخاذ الخيارات الضرورية لإنهاء هذه الحرب.
وتتوضح نتائج الدبلوماسية الأمريكي في المنطقة بشكل جلي في توقيع الاتفاقية النووية الإيرانية. لقد كانت أوضاع المنطقة المعقدة بطبيعة الحال لتسوء بشكل لا يمكن تخيله لو امتلكت إيران أسلحة نووية. وأقول ببساطة بأننا لسنا غافلين عن عن أفعال إيران في المنطقة، ولكننا نعلم جيداً بأن التدخل الإيراني في المنطقة دون امتلاكها أسلحة نووية خيار أفضل من التدخل الإيراني بوجود أسلحة نووية بحوزتها.
نمت الأنشطة النووية الإيرانية من بضعة مئات من أجهزة الطرد المركزي إلى أكثر من 19,000 جهاز قبل عامين عندما بدأنا المفاوضات الرسمية معها، فقد كانت أجهزتها قيد العمل، وكان التخصيب جارياً، وكان لديها مخزون من اليورانيوم المخصب يكفي لصنع اثنتا عشرة قنبلة.
لقد حققت الولايات المتحدة وشركاؤها من مجموعة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن للمفاوضة على برنامج إيران النووي (5+1) بعد عامين من المفاوضات المكثفة ما لم تحققه عقود من العداوة، وهي اتفاقية على المدى الطويل تغلق أي طريق محتمل لصنع سلاح نووي، وتُخضع إيران لأكثر أعمال تفتيش حازمة وشاملة نوقشت على الإطلاق. تعتبر جميع الطرق التي تؤدي إلى امتلاك إيران لقنبلة نووية مغلقة أمامها بموجب “خطة العمل المشتركة الشاملة” لبرنامج إيران النووي، سواء أكان ذلك طريق الحصول على اليوانيوم، أو طريق الحصول على البلوتونيوم، أو أي طريق مخفي آخر. وقد دفعت هذه الاتفاقية إيران إلى تفكيك ثلثي أجهزة الطرد المركزي التي كانت قد ركبتها، كما قد شحنت إيران 98% من مخزونها من اليوارنيوم المخضب خارج حدودها، بالإضافة إلى تخلصها من قلب المفاعل آراك ووضعت محله الإسمنت.
وقد تحققت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في شهر كانون الثاني من تلبية إيران للالتزامات الرئيسية للاتفاقية من جانبها. لن تتمكن إيران من صناعة سلاح نووي خلال شهرين أو ثلاثة كما كان الوضع سابقا ً بعد تغيير الوقت اللازم لصنع السلاح النووي الواحد ليصل إلى عام تقريباً وإن لجأت إلى الغش، كما أنها ستحتاج إلى بناء سلسة تزويد نووية من مراحلها الأولى للقيام بذلك، الأمر الذي يرى خبراؤنا بأنه من غير الممكن لإيران القيام بذلك دون اكتشاف هذا الأمر في وقت مبكر من الوقت الذي ستحتاجه لإنجاز عملها ما يُتيح الوقت الكافي لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
وتبقى الحقيقة بأن إيران موجودة في المنطقة من الناحية الجغرافية والسكانية والتجارية، وأن لسياساتها أثر حقيقي فعلي على الشرق الأوسط من سوريا إلى العراق واليمن وأبعد من ذلك. ويجب على إيران اتخاذ القرار بشأن استخدام هذه الاتفاقية النووية منذ بدايتها للقيام بدور بنّاء بشكل أكبر في المنطقة، حيث تتحمل أعباء إعادة بناء الثقة وحل اختلافاتها مع جيرانها بعد عقود من ممارستها لأنشطة زعزعت استقرار المنطقة. لا تحاول هذه الاتفاقية إيجاد حلول لجميع اختلافاتنا مع إيران، كما أن اختتام هذه الاتفاقية لا يُعفي إيران من أنشطتها الخطيرة والعدائية في المنقطة. ونستمر بشكل حثيث في تطبيق العقوبات المتعلقة بدعم إيران لجهود الإرهاب والإساءة لحقوق الإنسان وبرنامج الصواريخ البالستية.
كما نبقى متيقظين في مُضيّنا قدماً في تنفيذ الاتفاقية كما كنا دائماً، ونعمل مع شركائنا في المنطقة على محاربة أنشطة زعزعة الاستقرار التي تقوم بها إيران بما في ذلك اعتراض شحنات الأسلحة غير القانونية المرسلة إلى اليمن.
لا يسعني التحدث عن الدبلوماسية الأمريكية في المنطقة دون التطرق إلى عملية السلام في الشرق الأوسط. فلقد آذى العنف الذي شهدناه خلال الأشهر الأخيرة الجميع من الضحايا البريئة و أسرهم، واليهود والعرب في إسرائيل، والشعب الفلسطيني. تعتبر هذه اللحظة مهمة، ولا يوجد الكثيرون في المنطقة في الوقت الحالي ممن يؤمنون بوجود طريق للسلام، ولكن لا يمكننا في الوقت ذاته التخلي عن الموضوع وإدارة ظهورنا إليه، كما أن الوضع الحالي غير قابل للاتسدامة بكل بساطة. على القادة الاسرائيلين والفلسطينيين مسؤولية مشتركة، ولهم مصلحة مشتركة كذلك، في خفض التوتر ومحاربة التطرف وإيجاد طرق للتعاون حيثما أمكن.
لا يمكن للاسرائيليين أو الفلسطينيين تحقيق أهدافهم المشروعة بالكامل في ضوء غياب اتفاقية سلام كهذه. ويستمر الوزير جون كيري في التواصل مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس بشكل منتظم للتحدث عن أية طرق ممكنة لمحاولة تغيير الوضع على الأرض في محاولة لإعادة بناء الثقة والبدء في المضي قدماً. كما تبقى الولايات المتحدة ملتزمة بشكل كبير بمساعدة الأطراف على التوصل إلى حل مبني على المفاوضات يسعى لإيجاد دولتين لكلا الشعبين ليعيشا جنباً إلى جنب في أمن وسلام. ولكن الأمر عائد بالكامل لكلا الطرفين لأخذ الخطوات الأولى الضرورية لجعل السلام أمراً ممكناً. وأود الإشارة هنا إلى ما قاله جلالة الملك عبد الله الثاني: “علينا أن نُعلّق آمالنا على الإنسانية، ونأمل باتخاذ المعنيين للخيارات الصحيحية”.
أود أن أناقش للحظات ما هو أبعد من الدبلوماسية السياسية للولايات المتحدة، حيث أرغب في الحديث عن الدبلوماسية الاقتصادية والتجارية للولايات المتحدة التي تعتبر رئيسية لإيجاد الوظائف والتقليل من البطالة وتحقيق الازدهار للمنطقة وشعوبها. يُعتبر الشرق الأوسط موطناً لشعوب مفعمة بالطاقة ويافعة وذات نظرة استشرافية ومهتمة بالارتباط بالاقتصاد العالمي عوضاُ عن التجادل بحدة والإشارة إلى الخصومات الحاصلة عبر التاريخ. لقد صرح الرئيس باراك أوباما بالتزامه شخصياً تجاه الشباب والشابات في الشرق الأوسط لمساعدتهم على إيجاد الوظائف التي يحتاجونها من خلال التوسع في برامج التبادل التعليمي، وتسهيل التعاون في مجالات العلوم، وبناء شبكات تواصل للرواد، حيث نقدم لتحقيق ذلك مليارات على شكل مساعدات اقتصادية كل عام لدعم الشعوب في المنطقة. تتطلب موازنتنا للسنة الملية 2016 إدراج ما مجمله 7.3 مليار دولار كمساعدات أجنبية مقدمة من الولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تزيد هذه المساعدات بمقدار 10% عن مستوياتها في عام 2015. وقّعت الولايات المتحدة خمس اتفاقيات تجارة حرة مع دول في المنطقة وهي البحرين إسرائيل والأردن والمغرب وعُمان، و قد زاد الحجم التجاري بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط بمقدار مليار دولار كل عام منذ عام 2010 ليصل إلى 197 مليار دولار في عام 2014. كما أننا طلبنا المساعدات من مجتمع الأعمال الأمريكي، والمؤسسات الأكاديمية، والمجموعات المهنية لدعم مساعينا.
يعتبر هذا الانخراط الاقتصادي مهماً، حيث أن الازدهار في منطقة ما يحثُّ على النمو في مناطق أخرى، كما أن الإحباط الاقتصادي قادر على جعل الجدالات السياسية المتطرفة أكثر إغواءً للجمهور.
أود في الختام أن أشير إلى أنه سيكون للولايات المتحدة ارتباط قوي دائماً مع المنطقة مبني على الروابط الشخصية الموجودة بين شعوب المنطقة وشعب الولايات المتحدة الأمريكية. فنحن لا نرتبط بمصالح وقيم مشتركة فقط بل بروابط أسريّة كذلك. يُقدر المعهد العربي الأمريكي وجود 3.5 مليون عربي أمريكي يعيشون في مختلف أنحاء الولايات الأمريكية الخمسين.
نفخر بهؤلاء العرب الأمريكيين أمثال الأردني الأمريكي أمين مطالقة الذي أخرج فيلم ديزني الأول باللغة العربية. كما نفخر بالدكتور فاروق الباز المولود في مصر والذي ساعد على التخطيط لجميع أعمال هبوط مركبة أبولو على القمر. وأذكر أيضاً أنثوني شديد الحائز على جائزة بليتز الذي توفي أثناء قيامه بتسليط الضوء على الأعمال الوحشية لنظام الأسد. كما عمل العرب الأمريكيون في أعلى المناصب الحكومية، حيث عمل عضو الكونغرس ووزير النقل الأسبق راي لحود، وهو من أصول لبنانية، على مراعاة شؤون سكان ولاية إلينوي لقرابة عشرين عاماً. ويستمر عضو الكونغرس داريل عيسى والسيناتور جون سنونو اليوم في تولي هذا الدور القيادي. كما كانت دونا شلالا، التي خدمت أطول فترة كوزير للصحة، أول عربية أمريكية تُعين في منصب وزير.
ولقد كان لهؤلاء كما غيرهم الكثير من العرب الأمريكيين دوراُ مركزياً في المجتمع الأمريكي، سواء تحدثنا عن مؤدي الأدوار الترفيهية أو السياسيين أو أصحاب الأعمال أو المحامين أو قادة المجتمعات أو المواطنين الذين يعملون بجد يوماً بيوم. أود ان أؤكد في الفترة التي نتحضر فيها لاستقبال 10,000 لاجئ سوري في الأشهر القادمة على أن التجربة الأمريكية العربية هي قصة أمريكية حقيقة، أغنت وستستمر في إغناء التجربة الأمريكية.
يمتلئ التاريخ الحديث بتوقعات أثبتت فشلها حول تراجع اهتمام الولايات المتحدة في هذه المنطقة، حيث استعان بعض المثقفين بأحداث الأزمة النفطية في عام 1973، بينما أشار آخرون إلى فقدان الولايات المتحدة زمام الأمور في المنطقة بعد ظهور الحكم الديني في إيران والاستيلاء على السفارة الأمريكية في طهران، كما رأى البعض بأن الولايات المتحدة قد خسرت شعبيتها بانهيار مفاوضات كامب ديفيد في عام 2000. ولكن بالرغم من هذه التحديات وغيرها في تاريخ الولايات المتحدة والمنطقة فإننا ما زلنا هنا وما زال التزامنا قوياً كالحديد لأن قيمنا واهتماماتنا الأساسية التي تربطنا بالمنطقة لم تتغير ولن تتغير.
ما زالت الولايات المتحدة ملتزمة تجاه هذه المنطقة على المدى الطويل بالرغم مما نشهده من حالات عدم يقين واضطرابات في هذا الزمن، ولدي ثقة أكبر من أي وقت مضى في قوة الدبلوماسية الأمريكية لتشق طريقها لإيجا د الحلول، والحماية من المخاطر الناتجة عن هذا الوضع، واستغلال الفرص المتولدة لبناء مستقبل أفضل وأكثر ازدهاراً وأكثر أمناً لأنفسنا وأصدقائنا وحلفائنا في الشرق الأوسط.