تحقيق الازدهار المشترك

Ambassador Wells at the Rotary International Jordan Chapters, February 8, 2015

حقيق الازدهار المشترك

أليس جي ويلز، سفيرة الولايات المتحدة الاميركية لدى المملكة الاردنية الهاشمية
النص الاصلي

أشكرك محمد على هذه المقدمة اللطيفة، ولإتاحة الفرصة لي للتحدث أمام العديد من أعضاء روتاري في الأردن. كما أتقدم بخالص شكري لنادي روتاري عمان عمون، وأخص بالذكر رئيسة النادي السيدة سوزان بربور، ونوادي روتاري الأخرى في الأردن لدعوتي الليلة لمناقشة الكيفية التي تعمل من خلالها الولايات المتحدة والأردن معاً لتحقيق الازدهار المشترك لكلا البلدين.

يجد الأردن نفسه اليوم في منطقة مضطربة تواجهها التحديات، فهناك التحديات الأمنية المتعلقة بتواجد داعش في العراق وسوريا، بالإضافة إلى عبء استضافة اللاجئين من كلا الدولتين المجاورتين ولاجئين من دول أخرى كذلك، الأمر الذي أثقل كاهل الخدمات الاجتماعية كالتعليم والصحة. ويتمثل أحد التحديات الأخرى في بيئة الأعمال التي تشهد حالة من عدم اليقين على الصعيد المحلي إضافة إلى الصعيد العالمي في ضوء التعقيدات التي يشهدها منظور الأعمال.

وبالرغم من أنه من السهل أن تسترعي عناوين الأخبار السلبية انتباهنا إلا أن هناك الكثير من الجوانب التي تدعونا للتفاؤل مع بداية عام 2016، حيث حققنا تقدماً كبيراً في كسر شوكة داعش الذي قد خسر 40% من الأراضي التي كان يفرض سيطرته عليها. كما قد شهد داعش سلسلة من الانهزامات الاستراتيجية في تكريت وبيجي وسنجار وعلى طول الحدود التركية وفي سد تشرين ومؤخراً في الرمادي.

وأما على الصعيد السياسي، فلا أحد يتفوق على الوزير جون كيري في عزمه للدفع نحو إيجاد حل سياسي يُنهي الحرب الأهلية السورية التي أدمت القلوب. نتطلع إلى استئناف مفاوضات جنيف بقيادة الأمم المتحدة لاحقاً من الشهر الجاري، كما سنستمر في مساعينا نحو وقف إطلاق النار على المستوى الوطني والتوصل إلى حل سياسي مبني على المفاوضات يُخفّف من معاناة الشعب السوري. لقد كنا واضحين تماماً في موقفنا أمام الروس والمتمثل في مخاوفنا من الأحداث الأخيرة على الأراضي السورية، ونود أن نشهد منهم توافقاً بين الأقوال والأفعال. ونرى بأنه لا يوجد حل غير الحل السياسي لحل هذه الأزمة.

ومن الأسباب الأخرى الداعية للتفاؤل هو دعم المجتمع الدولي للأردن بقوة وتقديره لالتزام القيادة الهاشمية بالعمل نحو إيجاد دولة معتدلة وحديثة، الأمر الذي يُعتبر في الوقت نفسه رفضاً للتطرف الذي نشهده في المنطقة في يومنا هذا. تعهد المجتمع الدولي في مؤتمر المانحين لدعم سوريا المنعقد في الرابع من شهر شباط بتقديم 2.1 مليار دولار على مدار ثلاث سنوات للمجتمعات المستضيفة في الأردن، كما التزم بتوسيع الاستثمارات والتوظيف في القطاع الخاص بعدة طرق منها التفضيلات التجارية للاتحاد الأوروبي المشابهة لنظيراتها في اتفاقية التجارة الحرة بين الأردن والولايات المتحدة. وأما فيما يتعلق بالمساعدات الأمريكية، سيتلقى الأردن في عام 2016 مساعدات اقتصادية وعسكرية غير مسبوقة بمقدار 1.275 مليار دولار، منها 100 مليون دولار مخصصة للمشروع التاريخي لتحلية مياه قناة البحرين (الأحمر- الميت). كما أعلنا في مؤتمر المانحين في لندن عن 600 مليون دولار إضافية لدعم اللاجئين في عام 2016، مما يجعل إجمالي المساعدات الإنسانية التي قدمنها استجابة للصراع السوري أكثر من 5 مليارات دولار، والتي أنفقنا منها 730 مليون دولار في الأردن، وتعتبر الولايات المتحدة أكبر مساهم للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبرنامج الغذاء العالمي وصندوق الأمم المتحدة للطفولة.

وبالرغم من أن الوضع في المنطقة مقلق للغاية إلا أن التحديات الرئيسية التي يواجهها الأردن مشابهة للتحديات التي تواجهها جميع الدول النامية والمتمثلة في كيفية إيجاد اقتصاد مستدام وشامل يدعم طموحات شعبه ومُوجّه بها. وتُعدّ المساعدات التي تقدمها الحكومة الأمريكية جزءاً واحداً فقط من شراكتنا الواسعة التي تتضمن أيضاً علاقات مهمة ومتنامية مع القطاع الخاص، حيث نمت الصادرات الأردنية إلى الولايات المتحدة في عام 2015 بمقدار 7% تقريباً بالرغم من تدهور الأوضاع بشكل عام عقب إغلاق الحدود مع العراق وسوريا. ويعود الفضل في هذا النمو إلى الشركات الأردنية، كبيرة وصغيرة الحجم، التي أنتجت منتجات جديدة مبتكرة ومُنافِسة لبيعها في الولايات المتحدة.

أسّس أُردنيان، على سبيل المثال، شركة أسموها شركة الأبعاد المختلطة في عام 2009 لتقديم أدوات عبر الانترنت لمطوري الألعاب. وفتحت الشركة في عام 2013 مكاتب لها في سان فرانسيسكو لتكون أقرب إلى زبائنها في الولايات المتحدة، وتُعتبر الشركة الآن واحدة من المزودين الرئيسيين لخدمات الطباعة ثلاثية الأبعاد. وتُعتبر شركة المجموعة المتكاملة للتكنولوجيا مثالاً آخر، حيث فتحت مكاتب لها في كاليفورنيا لتزويد المدارس والجامعات الأمريكية ببرامج الإيديويف التعليمية المناسبة لها. ولا يُعتبر قطاع تكنولوجيا المعلومات هو القطاع الوحيد الذي يتوسع في الولايات المتحدة، حيث تتوسع الشركات الغذائية أيضاً في حصتها السوقية ابتداء من امتلاك محمد أبو غزالة لمزود الغذاء العالمي “فريش ديل مونتي” إلى أحمد الخضري وهو موزع بهارات أردني يُصدر البهارات المجففة إلى عملاق البيع بالتجزئة الأمريكي “وول مارت”.

ويظهر من هذه الشركات، وكما تعرفون جميعكم هنا في هذه القاعة، بأن القطاع الخاص محرك للنمو الاقتصادي. ويجب على القطاع الخاص في الأردن النمو بشكل أسرع نظراً لعدم تمكّن الحكومة، وخاصة في وضع الموازنة الحالي، من توفير الوظائف دائماً لمن يختار العمل فيها. فمن المهم تشجيع الريادة ومساعدة الشركات الحديثة على النمو لمعالجة بعض من أكبر التحديات بالنسبة للأردن وهي إيجاد الوظائف والازدهار الاقتصادي.

لا تُعنى الشركات ببيع المنتجات فقط، حيث يستثمر القطاع الخاص في المجتمعات المحلية نظراً لما يعود به الازدهار من فائدة على الأعمال. قرر هنري فورد، مؤسس شركة فورد للسيارات، زيادة الأجور في عام 1914 لجذب عمال يتمتعون بموثوقية أكبر. كانت المنفعة التي حصل عليها السيد فورد مباشرة، حيث تضاعفت أرباحه في أقل من سنتين، كما حفّز قراره إيجاد الطبقة الوسطى الصناعية التي ساعدت على زيادة الطلب على سياراته. تعتبر الأجور مثالاً واحداً فقط على كيف يمكن للقطاع الخاص زيادة النمو وتحسين حياة المواطنين.

كما يستثمر القطاع الخاص في مجالات الابتكار والعلوم والتكنولوجيا التي تُنتج منتجات تعود بالفائدة على جميع المواطنين كصنع أدوية جديدة وأنظمة حديثة لمعالجة المياه. يمكن لتطوير الأعمال وتوسيعها إيجاد وظائف ذات قيمة أعلى، وتوفير فرص مهنية أفضل للموظفين، وتحسين المجتمع على نطاق أوسع، حيث أوجدت الشركة الأمريكية “جي إي”، على سبيل المثال، مبادرة “الابتكار المفتوح” التي تسعى من خلالها للوصول إلى مرحلة “التعهيد الجماعي” للابتكار من خلال دعوة العامة لاقتراح حلول تكنولوجية جديدة في مجالات توفير الطاقة والصحة وحماية الموارد المائية، وتساعد شركة “جي إي” من خلال مبادرتها على الترويج لهذه المقترحات، وتقدم الجوائز النقدية، وتوفر فرص للأعمال لتتشارك مع المبتكرين.

ومن الواضح أن الاقتصاد العالمي في وقتنا الحالي يُعنى بحركة الأفكار والقيم وليس البضائع والخدمات فقط. تُساعد الشركات الأمريكية عند استثمارها في الخارج على تحسين الممارسات المتعلقة بالتوظيف وحماية البيئة. تُجري شركة نايك، التي تشتري البضاعة الرياضية المصنعة في الأردن، أعمال تفتيش بشكل منتظم على مرافق مزوديها هنا وفي أماكن أخرى للتأكد من أنها تلبي معايير العمل الرئيسية. كما تُدرج الولايات المتحدة عند إبرامها لاتفاقيات التجارة الحرة، كالاتفاقية التي أبرمناها مع الأردن، معايير العمل وتلك المتعلقة بالبيئة لضمان تلبية كلا الطرفين لتوقعات المواطنين.

يمكن للشركات المساعدة على الارتقاء بالمعايير وتحسين القيم المشتركة، ولكن للمواطنين دور كذلك. لا نقبل بفكرة أن الشركات هي مَن يُعنى بالمصلحة الدولية وحسب، فلدينا حقوق وعلينا مسؤولية تجاه معاينة الأعمال المؤسسية بدقة لضمان قيام الشركات بما يتماشى مع توقعاتنا. ويجب علينا المطالبة بالمساءلة والشفافية واحترام حقوق العمال والممارسات البيئة السليمة. أعدت شركة آبل، التي واجهت في إحدى المرات نقداً من العامة بأن مزوديها الصينيين لا يُلبون المعايير العمالية والبيئية المهمة، مدونة سلوك المزود، وعقدت أكثر من 600 نشاط تدقيق لمزوديها حول العالم في عام 2014 لوحده.

كما تستثمر الشركات الأمريكية في الأردنيين والمجتمعات الأردنية من خلال برامج المسؤولية الاجتماعية المؤسسية. لا تقتصر المسؤولية الاجتماعية المؤسسية على زراعة الأشجار أو تقديم التبرعات الغذائية بل تشمل كذلك الشراكة المسؤولة التي تُفيد جميع المدن والمحافظات والدول. لقد استثمرت الشركة التكنولوجية الأمريكية سيسكو، على سبيل المثال، 10 ملايين دولار وتعاونت مع الحكومة الأردنية على إطلاق مشروع ريادي للرعاية الصحية عن بعد لربط الأخصائيين في المناطق الحضرية بالمرضى في المجتمعات التي تعاني من قلة الخدمات. كما تعمل شركة الطاقة الأمريكية “أيه إي إس” على تركيب ألواح شمسية للتقليل من بصمة الكربون للأردن وتقديم الرعاية الطبية لأكثر من 1000 مواطن أردني.

ولكن برامج المسؤولية الاجتماعية المؤسسية غير كافية، فللقطاع الخاص أيضاً اهتمامات استراتيجية في إيجاد فرص للأردنيين الشباب. استحدث المؤسس الشريك لشركة آرامكس فادي غندور مصطلحاً جديداً قبل عدة سنوات أسماه “المسؤولية الريادية المؤسسية”، وأكد بأنه يجب علينا جميعاً خلق بيئة ترتقي بالريادة وتخلق وظائف بشكل مستدام بشكل يُوجد شركات صغيرة ومتوسطة الحجم من خلال التعليم والتوجيه وكسب التأييد وغيرها من الطرق. يُعتبر فادي صاحب فكرة رواد التنمية، وهي منظمة تُمكّن المجتمعات من خلال التعليم وتشجيع الشباب على التطوع وتنظيم القواعد الشعبية. كما قد التقيت مع المديرة الإقليمية لرواد السيدة سمر دودين. لقد استثمر صندوق رواد في 142 من الأعمال الصغيرة في 10 محافظات، حيث أوجد حوالي 432 وظيفة وترك آثاراً إيجابية على حياة أكثر من 1700 مواطن أردني. كما تدعم منح رواد المقدمة لتعليم وتمكين الشباب 450 عالِماً في الأردن ولبنان ومصر وفلسطين كل عام، ويُطلب من كل عالِم في المقابل تخصيص أربع ساعات أسبوعياً لخدمة المجتمع، حيث يبلغ مجموع مساهمتهم السنوية 84,600 ساعة لخدمة المجتمع. تُعتبر هذه أمثلة مؤثرة وملموسة لكيف يمكن للشراكة التمكينية تغيير المجتمعات بالفعل.

تساعد الشركات الأمريكية، وغيرها من الجهات، على دفع الشباب الأردني للمضي قدماً. وتعتبر شركة مايكروسوفت أحد الأمثلة على ذلك، حيث يساعد دعمها لمبادرة التعليم في الأردن، التي أُطلقت في عام 2003 برعاية جلالة الملك عبد الله الثاني وجلالة الملكة رانيا العبدالله، على تحسين استخدام تكنولوجيات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في التعليم، وتُطوّر من مناهج الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وتقدم تدريباً مهنياً على تكنولوجيا المعلومات للمعلمين، وتدعم مبادرة محطة المعرفة التي تُتيح خاصيتي الوصول والاتصال لجميع الأردنيين بصرف النظر عن حالتهم الاقتصادية أو موقعهم الجغرافي.

وكما أنه من المهم الحصول على رواتب فإنه من المهم أيضاً إيجاد وظائف تُتيح للشباب التعلم والمساهمة والقيادة والنمو على المستويين الشخصي والمهني لتمتد الآثار التي نتركها لما هو أبعد من مساهمتنا في الناتج المحلي الإجمالي أي لنصل إلى مرحلة نُوجد فيها مواطنين بما تحمله هذا الكلمة من معنى. يتزايد عدد سكان الأردن اليافعين مع مرور الوقت، وينضم من 80,000 إلى 100,000 وافد جديد إلى القوة العاملة كل عام ممن يُعانون من إيجاد وظائف. هذا وتُواجه المنطقة في الواقع أعلى معدلات من البطالة بين صفوف الشباب على مستوى العالم وخاصة بين السيدات. ومن الضروري معالجة معدلات البطالة المرتفعة، ومعاناة القطاع الخاص الذي يحاول العمل بفعالية، والبيروقراطية الحكومية المفرطة في الوقت نفسه من أجل الوصول إلى المستقبل الذي يحتاجه الشباب الأردني.

عندما أتحدث إلى الشباب الأردني أجدهم يُركزون على حلمهم بإيجاد وظائف مناسبة لهم، كما يأمل الكثير منهم البدء بشركاتهم الخاصة. أُتيحت لي الفرصة أواخر العام الماضي لحضور مسابقة إنجاز الوطنية للريادة حيث قابلت العديد من الأردنيين الشباب الذي طوّروا أفكاراً لأعمال واعدة، وقد اطلعت عليها جميعاً من المنتجات الغذائية إلى تكنولوجيات إعادة التدوير، والملابس والقرطاسية، ولكن الأمر الأكثر أهمية هنا هو أنني رأيت الابتكار والإبداع اللذان سيُمكّنان ويُعززان مستقبل الأردن.

من المهم جداً أن نبحث جميعنا عن فرص لتوجيه الشباب الأردني لدعم طموحاتهم وقدراتهم على ترجمة هذه الطموحات على أرض الواقع. يُقدّم الموجهون، سواء أكانوا أقرباء أو معلمين أو مدربين أو جيران، المشورة والدعم الذي يحتاجه الشباب لبناء ثقتهم بأنفسهم والحصول على المعرفة وبناء شخصية قوية للنجاح داخل الغرف الصفية وخارجها. وقد أظهرت الدراسات بأن ارتياد الشباب الذين يمتلكون موجهين إلى الجامعات أفضل من غيرهم، كما أن ثقتهم بأنفسهم أكبر، ولديهم فرص أكثر لإكمال التعليم العالي، بالإضافة إلى انخفاض المخاطرة لديهم للتعاطي والإدمان.

يمكن تقديم التوجيه في العمل أو بين المهنيين أنفسهم، حيث يمتلك الأشخاص الذين وصلوا مراحل متقدمة في سلم النجاح الكثير لمشاركته مع الجيل الذي يليه. ويمكن لقادة المستقبل في الأردن الاستفادة بكل تأكيد من النصح والاستشارات التي تقدمونها لهم. تُرسل السفارة كل عام حوالي 200 أردني وأردنية إلى الولايات المتحدة من خلال عدد متنوع من برامج التبادل التي يتضمن بعضها جزئية تتعلق بالتوجيه المؤسسي الرسمي كبرامج “جولدمان ساكس” و”فورتشن” و”تك وومن”. ونستفيد من خبرة هؤلاء الأشخاص بعد أن يتخرجوا من البرامج وعودتهم للبلاد من خلال ربطهم مع أردنيين أصغر منهم سناً، وبهذا تستمر دائرة التعليم والنمو في توسعها.

يُمكن للأردن أثناء سعيه لتحسين البيئتين التعليمية والريادية، اللتان ستُتيحان الفرصة للجميع للازدهار، الاعتماد على دعم الولايات المتحدة لهذه الجهود. تصب غالبية المساعدات التي تقدمها الحكومة الأمريكية للأردن في تحسين التوظيف والتعليم وخاصة بين الشباب والسيدات. لقد أعلنّا في شهر تشرين الثاني عن منحة بقيمة 100 مليون دولار لبناء 25 مدرسة جديدة وتجديد وتوسعة أكثر من 128 مدرسة أخرى لغايات التقليل من الاكتظاظ في المناطق الحضرية. ونستثمر من خلال مشروع القراءة و الحساب في تعليم الصفوف المبكرة وتوسيع مبادرات القراءة والحساب التي تقدم للطلاب المهارات التي يحتاجونها للنجاح في أماكن العمل.

كما تُنفّذ الولايات المتحدة مشاريع بقيمة 200 مليون دولار لدعم تطوير القطاع الخاص، الأمر الذي من شأنه إيجاد وظائف والعمل على نمو مشاريع صغيرة ومتوسطة الحجم. ويهدف مشروع تنمية القوة العاملة الذي أطلقناه في شهر آب إلى تحسين التعليم المهني والتقني بالإضافة إلى تسهيل توظيف الخريجين من خلال ربطهم بالشركات التي تبحث عن موظفين. كما أننا ندعم الشركات الصغيرة من خلال ربط الأعمال بالأسواق المتنامية التي يوجد فيها طلب على منتجات هذه الشركات، ومساعدتها على الحصول على التمويل التجاري. تُعد الأعمال صغيرة ومتوسطة الحجم العمود الفقري للاقتصاد الأردني، حيث تُمثل 98% من جميع الأعمال و60% من القوة العاملة وتُنتج 50% من الناتج المحلي الإجمالي.

يُقدم مشروع تسهيلات ضمانات القروض، الذي أُسس بشراكة بين الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وشركة الاستثمار الخاص ما وراء البحار، ضمانات لـ 250 مليون دولار للبنوك الأردنية المشاركة في تمويل المشاريع الصغيرة، حيث استفادت السيدات مما يزيد على 10% من هذه الضمانات إلى الآن. لقد أسست السيدة علا فرواتي، على سبيل المثال، شركة متخصصة بمنتجات التصميم والطباعة. واستخدمت علا القرض لتمويل عمليات إنتاج وتوزيع الشركة، وزادت هذه التوسعة من الأرباح بما يزيد على 50%.

ولكن الإجابة على السؤال المتعلق بمقومات النمو في الأردن لا تقتصر على التوجيه وتشجيع الريادة وحسب، فيجب علينا تحسين بيئة الأعمال، كما لا يُمكن للحكومات أو الأعمال أو الأفراد معالجة هذه المسألة بمعزل عن بعضها. نعلم بأن دور أية حكومة هو دعم القطاع الخاص وليس وضع العراقيل في طريقه، ويتطلب هذا الأمر شراكة بين الحكومة والشركات والمواطنين. وتقع على الحكومة مسؤولية إيجاد بيئة تمكينية للأعمال لكي تنمو وتستحدث الوظائف وتحقق الازدهار لمواطنيها. كما تحتاج الحكومات إلى القطاع الخاص لاطلاعها ما هو مجدٍ من غير المجدِ، وتحديد مكامن الفرص والتحديات. كما يجب أن تُناصر الشركات والمواطنون معاً إيجاد سياسات شفافة وطرقاً لتحسين وتسهيل القيام بالأعمال. وبما لا شك فيه بأن الازدهار مفيد للجميع، فيجب على كل منا إذن القيام بدوره لتحقيق هذا الازدهار، كما يجب علينا وضع أنفسنا والآخرين موضع المساءلة.

وهنا يأتي دور روتاري! يُعتبر شعاركم “الخدمة فوق الذات” ظاهرة دولية عملت على تحسين حياة الكثيرين حول العالم. وإنه لفخر عظيم لي أن يكون منشأ هذه المنظمة الإنسانية والخدمية هو الولايات المتحدة. لقد كان أبي عضواً فخوراً بعضويته في روتاري على مدى عدة عقود، حيث عمل على تحسين بلدتنا، ولا زلت أتذكر الحماس الذي يشعر به الطالب لدى اختياره كطالب الثانوية الروتاري المتميز لهذا الشهر. عملكم هنا في الأردن مهم جداً وحساس لأبناء هذا البلد.

تُعتبر جهود نادي روتاري عمان الأخيرة لشراء آلة بريل للأطفال الكفيفين وأجهزة حاسوب لناد لضعاف البصر مثالاً رائعاً على الاستثمار في بيئة تمكينية تساعد الشباب الأردني على المساهمة في ازدهار مستقبلهم. كما تساعد جهودكم لدعم فريق كرة قدم الشباب على الارتقاء بمفاهيم بناء الفريق والصداقات وأنماط الحياة الصحية التي ستفيد هؤلاء الأطفال في حياتهم.

كما أنني فخورة بأعضاء روتاري الأمريكيين الذين يعملون هنا على المستوى المحلي. فقد ساعد أحد أعضاء روتاري من كينيتكت العام الماضي على تأسيس صندوق لدعم اللاجئين السوريين بعد زيارته لمخيم الزعتري، وقد جمع في النهاية ما يقارب 100,000 دولار لتوزيع الغذاء واللوازم على اللاجئين في المخيم، وما زالت هذه الجهود مستمرة، حيث ساعدت على التخفيف من العبء الملقى على المجتمعات الأردنية وتحسين حياة اللاجئين كأفراد.

تحافظ الولايات المتحدة على التزامها تجاه الأردن، وتعتبر شراكتنا أكبر بكثير من الشراكة مع الحكومة الأمريكية في واشنطن فقط، فشركاتنا هي شركاء لكم، ومؤسستنا التعليمية هي شركاء لكم، ومواطنونا كذلك شركاء لكم. يلتزم الأمريكيون في مختلف أنحاء الولايات المتحدة بدعم جهودكم لتحقيق الازدهار الاقتصادي الذي يطمح إليه العديد من الشباب الأردني. سنعمل معاً على بناء أردن ليس قادراً على تجاوز تحديات اليوم وحسب بل أردن يُعبّر عن آمال وأحلام ليس مواطنيه فقط بل آمال وأحلام المنطقة.

شكراً